للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رعاتها واستاقوها، فبعث النبي صلّى الله عليه وسلم الطلب في آثارهم، فما ترجل النهار حتى جيء بهم، وقطع أيديهم وأرجلهم ولم يحسموا، وكحلت أعينهم، وطرحوا في الحرة يستسقون فلا يسقون، وكان أحدهم يكدم الأرض بفيه حتى ماتوا (١).

وقال أبو قلابة: قتلوا وسرقوا، وحاربوا الله ورسوله، وسعوا في الأرض فسادا.

وروي: أنهم كحلوا الرعاة، وفيهم نزل قوله تعالى: {إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} الآية.

وفي هذه السنة: ماتت أم رومان زوجة أبي بكر الصديق أم ولديه عائشة وعبد الرحمن رضي الله عنهما، ووهم من قال: إنها ماتت سنة أربع؛ لذكرها في حديث الإفك.

وما في «صحيح البخاري» من قول مسروق التابعي: سمعت أم رومان .. قالوا:

صوابه: سئلت أم رومان بالبناء (٢).

وفي ذي الحجة منها: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم رسله بكتبه إلى ملوك الأقاليم، فبعث دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر، فلما قرأه .. همّ بالإسلام ولم يساعده قومه وشحّ بملكه، وقصته مشهورة في «الصحيحين» (٣).

وبعث عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى، فلما قرأ كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم .. مزّقه، فدعا عليهم النبي صلّى الله عليه وسلم أن يمزّقوا كلّ ممزق (٤)، فهلك منهم في سنة واحدة أربعة عشر ملكا حتى ملّكوا أمرهم امرأة، فلما بلغ النبي صلّى الله عليه وسلم ذلك .. قال: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» (٥)، ثم اندرس أمرهم إلى آخر الأبد، فلم يبق لهم ملك ولا مملكة كما بقي للروم.

وبعث النبي صلّى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي، وكان قد أسلم، وإنما بعثه النبي صلّى الله عليه وسلم في تزويج أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان بن حرب، وأن يرسل إليه جعفر بن أبي طالب ومن معه من المهاجرين، فلما ورد الكتاب على النجاشي ..


(١) خبر العرنيين أخرجه البخاري (٤١٩٢)، ومسلم (١٦٧١).
(٢) وقد ذكرنا في ترجمتها: أن الصواب ما في «الصحيح»، وأنها عمّرت بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم دهرا طويلا، انظر (١/ ٩٠).
(٣) «صحيح البخاري» (٧)، و «صحيح مسلم» (١٧٧٣).
(٤) أخرجه البخاري (٦٤)، والبيهقي (٩/ ١٧٧)، وأحمد (١/ ٢٤٣)، وابن سعد في «الطبقات» (١/ ٢٢٣).
(٥) أخرجه البخاري (٤٤٢٥)، والترمذي (٢٢٦٢)، والنسائي في «الكبرى» (٥٩٠٥)، والبيهقي (٣/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>