للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنذر بن عائذ الملقب بالأشج العصري-وإنما سمي الأشجّ؛ لأثر في وجهه-الذي فيه قال صلّى الله عليه وسلم: «إن فيك لخصلتين يحبّهما الله؛ الحلم والأناة»، فقال:

يا رسول الله؛ كانتا فيّ أم حدثتا؟ قال: «بل قديم»، قال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبّهما الله (١).

فلما دنوا من المدينة .. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم لجلسائه: «أتاكم وفد عبد القيس خير أهل المشرق» (٢)، فلما دخلوا عليه صلّى الله عليه وسلم .. قال: «مرحبا بالقوم-أو بالوفد-غير خزايا ولا ندامى» (٣)، وعبد القيس أول من دان بالدين وأقام شرائعه من الآفاقيين، وأول جمعة أقيمت بعد جمعة المدينة بمسجد عبد القيس بجواثى من البحرين (٤)، وثبتوا على إسلامهم لمّا ارتدت العرب عند موت النبي صلّى الله عليه وسلم، حتى لم يكن مسجد لله تعالى إلا في ثلاثة مساجد: مسجد مكة، ومسجد المدينة، ومسجد عبد القيس، فقال في ذلك شاعرهم يفتخر فيه: [من البسيط]

فالمسجد الثالث الشرقيّ كان لنا ... والمنبران وفصل القول في الخطب

أيّام لا منبر للناس تعرفه ... إلا بطيبة والمحجوج ذي الحجب

وفي هذه السنة: توفيت زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم زوجة أبي العاصي بن الربيع، وهي أكبر بناته صلّى الله عليه وسلم، وبعد وفاة زينب تزوج صلّى الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك، ولما نزلت آية التخيير .. اختارت الدنيا، ففارقها صلّى الله عليه وسلم، فكانت بعد ذلك تلتقط البعر وتقول: أنا الشقية؛ اخترت الدنيا (٥).

وفيها: وقع غلاء بالمدينة فقالوا: يا رسول الله؛ سعّر لنا، فقال: «إن الله هو المسعّر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال» (٦).


(١) أخرجه ابن حبان (٧٢٠٣)، وأبو داود (٥١٨٣)، وبنحوه مسلم (١٧)، والترمذي (٢٠١١)، والعصري: نسبة إلى عصر؛ بطن من عبد القيس. انظر «الأنساب» (٤/ ٢٠١).
(٢) أخرجه أبو يعلى (٦٨٥٠) والطبراني في «الكبير» (٢٠/ ٣٤٥).
(٣) أخرجه البخاري (٥٣)، ومسلم (١٧)، وغيرهما.
(٤) أخرجه البخاري (٨٩٢).
(٥) تقدم الكلام عليه في ملخص سيرة النبي صلّى الله عليه وسلم، عند ذكر زوجاته وما ذكره العلامة الأشخر في «شرح البهجة» (١/ ٣٨٦) من بطلانه.
(٦) سبق تخريجه في ملخص سيرة النبي صلّى الله عليه وسلم (١/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>