للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلا من خزاعة، فركب عمرو بن سالم الخزاعي ثم الكعبي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأنشده في المسجد بين ظهراني الناس: [من الرجز]

يا ربّ إنّي ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا

قد كنتم ولدا وكنّا والدا ... ثمّت أسلمنا فلم ننزع يدا

فانصر هداك الله نصرا أعتدا ... وادع عباد الله يأتوا مددا

فيهم رسول الله قد تجرّدا ... إن سيم خسفا وجهه تربّدا

في فيلق كالبحر يجري مزبدا ... إنّ قريشا أخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك المؤكّدا ... وجعلوا لي في كداء رصّدا

وزعموا أن لست أدعو أحدا ... وهم أذلّ وأقلّ عددا

هم بيّتونا بالوتير هجّدا ... وقتلونا ركّعا وسجّدا (١)

قلت: قال ابن هشام في «سيرته»: (ويروى:

نحن ولدناك فكنت الولدا ... فانصر هداك الله نصرا أيّدا) (٢)

قال السهيلي في «الروض الأنف» في قوله: (قد كنتم ولدا وكنّا والدا): (يريد: أنّ بني عبد مناف أمّهم من خزاعة، وكذلك قصي أمّه فاطمة بنت سعد الخزاعية، وقوله:

«ثمّت أسلمنا» هو من السّلم، لا من الإسلام؛ لأنهم لم يكونوا آمنوا بعد، غير أنه قال:

«ركعا وسجدا»؛ فدلّ على أنه كان فيهم من صلّى لله تعالى فقتل) اهـ‍ (٣)، والله أعلم.

فقال صلّى الله عليه وسلم: «نصرت يا عمرو بن سالم»، وعرضت سحابة في السماء فقال صلّى الله عليه وسلم: «إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب» (٤).

وجاء أبو سفيان يريد تأكيد العقد والمزايدة في المدة، فأبى عليه رسول الله صلّى الله عليه


(١) أخرجه البيهقي في «السنن» (٩/ ٢٣٣)، و «الدلائل» (٥/ ٥)، والطبراني في «الكبير» (٢٣/ ٤٣٣)، والطبري في «تاريخه» (٣/ ٤٤)، وانظر «سيرة ابن هشام» (٣/ ٣٩٤). الأتلد: القديم، أعتدا: حاضرا، سيم خسفا: أريد به نقيصة، تربّد وجهه: تغيّر، الفيلق: الجيش، كداء: موضع بأعلى مكة عند المحصب.
(٢) «سيرة ابن هشام» (٣/ ٣٩٥).
(٣) «الروض الأنف» (٧/ ١٩٨).
(٤) انظر تخريج الحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>