للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم خرج إليهم النبي صلّى الله عليه وسلم، ففادى نصفهم، وأعتق نصفهم، وفيهم حصل الاختلاف بين الشيخين رضي الله عنهما، فقال أبو بكر: أمّر القعقاع [بن معبد] بن زرارة، وقال عمر: بل أمّر الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، فقال:

ما أردت خلافك، فتماريا وارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} الآيتين (١).

وفيها: سرية زيد بن حارثة إلى نحو مدين، فأصاب سبيا من أهل مينا وهي السواحل وفيها: جمّاع الناس، فبيعوا، ففرّق بينهم، فخرج صلّى الله عليه وسلم وهم يبكون، فقال: «ما لهم؟ » فقيل: يا رسول الله؛ فرّق بينهم، فقال: «لا تبيعوهم إلا جميعا» (٢)؛ يعني: الأولاد وأمهاتهم.

وفيها: بعثه صلّى الله عليه وسلم إلى الحرقات من جهينة، قال أسامة: فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه .. قال: لا إله إلا الله، فكف عنه الأنصاري، وطعنته حتى قتلته، فلما قدمنا المدينة .. بلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: «يا أسامة؛ أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟ ! » قلت:

كان متعوّذا، قال: فما زال يكرّرها حتى تمنّيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم (٣).

وذكر مغلطاي في «سيرته»: (أن هذه السرية كانت في رمضان سنة سبع، قال: وفي «الإكليل»: فعل أسامة ذلك في سرية كان أميرا عليها سنة ثمان) (٤).

***


(١) أخرجه البخاري (٤٣٦٧)، والترمذي (٣٢٦٦)، والنسائي (٨/ ٢٢٦)، وأحمد (٤/ ٦).
(٢) انظر «سيرة ابن هشام» (٤/ ٦٣٥)، وجمّاع الناس: أخلاط وأصناف منهم، ولا ريب أنها قبل مؤتة؛ لكون زيد بن حارثة إنما استشهد فيها.
(٣) أخرجه البخاري (٤٢٦٩)، ومسلم (٩٦).والحرقات: نسبة إلى الحرقة، واسمه: جهيش بن عامر بن ثعلبة بن مودعة بن جهينة، وقد سمّي الحرقة؛ لأنه حرق قوما بالنبل فبالغ في ذلك، وإنما سكت المصنف عن ذكر أمير هذه السرية؛ للخلاف في تعيين أميرها، والذي عند البخاري: أن أميرها أسامة بن زيد، قال الحافظ في «الفتح» (٧/ ٥١٨): (قوله: «بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى الحرقة» ليس في هذا ما يدل على أنه أمير الجيش كما هو ظاهر الترجمة، وقد ذكر أهل المغازي سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى الميفعة؛ وهي وراء بطن نخل، وذلك في رمضان سنة سبع، وقالوا: إن أسامة قتل الرجل في هذه السرية، فإن ثبت أن أسامة كان أمير الجيش .. فالذي صنعه البخاري هو الصواب؛ لأنه ما أمّر إلا بعد قتل أبيه بغزوة مؤتة، وذلك في رجب سنة ثمان، وإن لم يثبت أنه كان أميرها .. رجح ما قال أهل المغازي).
(٤) «سيرة مغلطاي» (٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>