للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحنّة بن رؤبة وأهل جرباء وأذرح، فصالحهم على الجزية، وكتب ليحنة كتاب أمان (١).

ثم بعث صلّى الله عليه وسلم وهو بتبوك خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك صاحب دومة الجندل (٢)، وقال: «إنك تجده يصيد البقر، فمضى خالد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين في ليلة مقمرة .. أقام، وجاءت بقر الوحش حتى حكّت قرونها بباب القصر، فخرج إليهم أكيدر في جماعة من خاصته، فتلقتهم خيل رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأخذوا أكيدر وقتلوا أخاه حسان، فحقن صلّى الله عليه وسلم دم أكيدر، وصالحه على الجزية وكان نصرانيا (٣).

وأقام بتبوك بضع عشرة ليلة ولم يجاوزها، ثم قفل راجعا إلى المدينة، فلما كان ببعض الطريق .. مات ذو البجادين المزني (٤).

ولما نزل صلّى الله عليه وسلم بذي أوان قريبا من المدينة .. أتاه جبريل بخبر أهل مسجد الضرار وكانوا اثني عشر رجلا (٥)، فدعا صلّى الله عليه وسلم مالك بن الدّخشم ومعن بن عدي وأخاه عاصما وعامر بن السّكن ووحشي بن حرب قاتل حمزة، وقال لهم: «انطلقوا إلى هذا الظالم أهله، فاهدموه وحرّقوه»، فخرجوا سراعا حتى أتوه وفيه أهله، فحرّقوه وهدموه، وتفرق عنه أهله، واتخذ موضعه كناسة تلقى فيها الجيف (٦).

وقدم صلّى الله عليه وسلم المدينة في شهر رمضان، فلما قدمها .. بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين كعادته، ثم جلس للناس، فجاءه المخلفون يعتذرون إليه بالباطل ويحلفون له،


(١) أخرجه البخاري (١٤٨٢)، ومسلم (٢٢٨١)، ويحنة: هو صاحب أيلة؛ بلدة على ساحل البحر الأحمر مما يلي الشام، تسمى اليوم: العقبة، وجرباء: بلدة في الأردن تبعد (٢٢) كم عن معان، جهة الشمال الغربي، وأذرح: بلدة بينها وبين معان (٢٥) كم.
(٢) دومة الجندل: بلد بين الشام والحجاز، قرب جبل طيّئ، وهي جوف السّرحان، شمال مدينة تيماء على مسافة (٤٥٠) كم.
(٣) أخرجه الحاكم (٤/ ٥١٩) والبيهقي في «الدلائل» (٥/ ٢٥٠)، وأصله عند البخاري (٢٦١٦)، ومسلم (٢٤٦٩).
(٤) وهو عبد الله بن عبد نهم، عمّ عبد الله بن مغفل المزني، وانظر ما مر في ترجمته (١/ ١٠٩).
(٥) وقد ذكرت أسماؤهم عند ابن هشام في «السيرة» (٤/ ٥٣٠)، وأخرج مسلم (٢٧٧٩) عن حذيفة عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «في أصحابي اثنا عشر منافقا؛ فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سمّ الخياط».
(٦) عند البيهقي في «الدلائل» (٥/ ٢٥٩): أنه أمر مالك بن الدخشم ومعن بن عدي، وعند الواقدي في «المغازي» (٣/ ١٠٤٦): أنه أمر مالك بن الدخشم وعاصم بن عدي، وعند الطبري في «التفسير» (١١/ ١٨)، وابن هشام في «السيرة» (٤/ ٥٣٠): أنه أمر مالك بن الدخشم ومعن بن عدي أو أخاه عاصما، وزاد البغوي في «تفسيره» (٢/ ٣٢٧) الأخيرين: عامر بن السكن، ووحشي بن حرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>