للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلد بالجليلات والبنادق، وأرسل إليهم الأمير رسولا معه كباش وفاكهة على سبيل الضيافة، فردوا ذلك، وزعموا أنهم ما جاءوا إلا لأخذ البلد، فإن تسلموها طوعا، وإلا .. أخذناها قهرا، وذكروا أنهم نازلون صبح السبت للحرب، ثم تقدم غراب منهم إلى قريب السيف (١)، فأخذ جميع ما كان على الساحل من الزعائم والسنابيق، ولم يتعرض لهم أحد بشيء، فنهموا في البلد وطمعوا فيها، وأقام الأمير المدافع على الدرب، فلما كان صبح السبت .. نزلوا مستعدين للقتال في الزعائم والسنابيق التي كانوا أخذوها من الساحل، ونزلوا بسلالم، فنصبوها على الدرب من شرقية جهة شرشرة والشيخ الصعان، وصعدوا في السلالم، ونزل جماعة منهم إلى البلد، وصعد جماعة منهم على الجبل الذي عليه حصن الخضراء، فاجتمع جماعة من المسلمين، فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم من الجبل، وكان الأمير قد هم بترك قتالهم وأن يلزم دار السعادة، فأشار عليه ابن ماقرس وابن [ ... ] (٢) المهري بأن دار السعادة لا تحجبه إذا أخذت البلد، وأن يخرج لقتالهم؛ فإن نصره الله عليهم .. نال بذلك عزا عند الله وعند السلطان، وإن تكن الأخرى .. فاز بالشهادة، ومات كريما، فركب فرسه، وخرج في جماعة قليلة من أصحابه، فلم يزل يتلاحق الناس في الطريق، فوصل إليهم في جمع ولم يكن في البلد فارس إلا هو، فقاتلهم، وقاتل معه أهل البلد، فنالوا من المسلمين، ثم كانت الدائرة عليهم، فهزموا هزيمة منكرة، واستمروا راجعين من حيث دخلوا، وقاتل الناس من فوق الجبل، واستولى المسلمون على الدرب، وقاتلوهم في الدرب، فلما رأوا الغلبة .. رموا بأنفسهم إلى السلالم، ومن لم يمكنه الوصول إلى السلم .. رمى بنفسه من رأس الدرب إلى الساحل وهم مثقلون بالحديد، وبقي جماعة منهم محصورين في الباشورة، فأمر الأمير بأن يؤتى بقصب وتحرق الباشورة، فلما سمعوا منه ذلك .. خرجوا من الباشورة، وألقوا أنفسهم منها إلى الساحل، وركب من سلم منهم في السنابيق راجعين إلى مراكبهم، فرموا من البندر بمدفع أصاب بعض [ ... ] (٣) نحو العشرين، وقتل منهم خلق كثير.

وأخبرني الفقيه عبد الله بن حسين القلهاني أنه شاهد من مقاتيل الإفرنج تسعة؛ أربعة داخل البلد، وخمسة على الساحل خارج البلد، فلما تحقّقوا أن لا قدرة لهم على البلد ..


(١) السّيف: ساحل البحر.
(٢) بياض في الأصول.
(٣) بياض في الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>