للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتغلوا بتحريق المراكب التي بالبندر، واستولوا على الدار التي بالبندر، وأخذوا ما فيها من المدافع، وأقاموا بالبندر أياما، ثم عزموا إلى جهة الشام، فمروا بباب المندب، ثم المخا، ثم البقعة والمتينة، ثم الحديدة، ولم يتعرضوا للنزول في شيء من هذه البنادر؛ إذ كان أهلها وعساكر السلطان مستعدين لهم، ثم دخلوا جزيرة كمران أوائل صفر، فنهبوها، وحاولوا دخول الجزيرة، فلم يقدروا، فأقاموا بجزيرة كمران من أوائل صفر إلى نصف جمادى الأولى والناس تأكل بعضها بعضا من الغيظ يريدون من السلطان المصروف والإذن في قتالهم، فلم يساعد على ذلك، فكان ذلك سبب تجرؤ المصريين عليه، حتى قصدوه إلى بلده، وأخرجوه منها ومن مملكته، ثم عزم من كمران، ودخل إلى عدن منهم ستة عشر مركبا، ومركبان منهم قصدا زيلع، وأحرقوا الخشب الذي ببندر زيلع، ثم لحقوا بأصحابهم إلى عدن، وكان لأصحابهم بقدومهم من زيلع فرحة عظيمة نشروا فيها أعلامهم، وضربوا مدافعهم، وكانوا قبل وصول أصحابهم من زيلع يحاربون أهل عدن، ولم يقعوا على طائل لتحصين البلد، فلما وصل أصحابهم من زيلع .. جرءوهم على النزول للقتال وتحريق المراكب المتروكة بالساحل، فنزلوا ليلا في السنابيق، ففطن بهم أهل البلد وكان الساحل مشحونا من العساكر البحرية عساكر المراكب وغيرها، فثاروا عليهم، وهزموهم، وقتلوا جماعة منهم، وجرحوا آخرين، فلما انقطع رجاؤهم من المدينة، وتحققوا أن حزب الشيطان لا يقاوم حزب الرحمن .. رحلوا عن البلد مذمومين مدحورين، أبعدهم الله تعالى وخذلهم (١).

وفي شهر صفر: تمالأ جماعة من أهل صنعاء على قتل أميرهم علي بن محمد البعداني غدرا وعدوانا، ففضحهم الله، وأطلع الأمير على ما أضمروه، وأظفره الله بهم، فنكل جماعة منهم، وسلمه الله تعالى (٢).

وفي آخر ربيع الآخر: توجه السلطان إلى تعز بعد أن أقام بزبيد سنة وأياما وكان قد غاب عنها ثمان عشرة سنة، واستخلف بزبيد الفقيه محمد النظاري أميرا، والقاضي أبو القاسم الموزعي مستوفيا، وقلده أموال الرعية، وأقام السلطان بتعز إلى خامس شهر الحجة، وتوجه إلى جهات المقرانة ونواحيها، وولّى ولده عبد الوهاب أمر مدينة تعز، وجعل إليه


(١) «الفضل المزيد» (ص ٣٤٤)، و «تاريخ الشحر» (ص ١٠٢).
(٢) «الفضل المزيد» (ص ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>