للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبّ من غير قتال ولا حرب، فدخلوا المصريون (١) تعز، فصادروا التجار، وفعلوا بها وبأهلها أعظم مما فعلوا بزبيد وأهلها، وأقاموا بتعز إلى الجمعة الثانية، وواجههم الفقيه عبد الله بن المقرئ يوسف، وواجههم أيضا الفقيه أبو بكر بن محمد الصائغ، وخطب لهم خطبة نال فيها من السلطان، ثم عزموا من تعز في يوم الجمعة ثالث عشر صفر إلى جهة المقرانة بعد أن جعل برسباي بتعز الأمير أقباي مقدما بتعز، وأضاف إليه أمورها، وكان السلطان عند ما خرج من تعز أقام بإبّ أياما، فلما علم بتوجه المصريين إلى المقرانة .. توجه إليها، فدخلها قبلهم بليلة، دخلها عشية الخميس، فحمل نساءه وما خف حمله من الذخائر والأموال، وأحرق بعض ما لم يقدر على حمله، وفتح الخزائن، وأمر بأن تحمل كل واحدة ما قدر عليه، فلما كان صبح الجمعة .. أصبح المصريون تحت المقرانة ولم يتجاسروا على دخولها حتى أخبروا أنها خلية عن السلطان وجنده، فدخلوها، واستولوا عليها، ونهبوا ما وجدوه في الديار من الذخائر والأموال، وكانت جملة مستكثرة، وظفر برسباي بجماعة كانت عندهم ودائع للسلطان، فأخذها منهم.

ودخل عليه جماعة من آل عمار، فبايعوه، وسألوه المسير معهم ليمكنوه من بلادهم، فسار معهم في جمع كثير من شجعان أصحابه، فلما توسطوا بهم في بلادهم .. ثاروا عليهم من كل مكان، فقتلوا الأمير برسباي وأصحابه عن آخرهم، ولم ينج منهم إلا المخبر عنهم، فلما بلغ الخبر إلى من بقي من المصريين في المقرانة .. ضاق بهم الحال، وتغيرت منهم الأحوال، ثم أجمع رأيهم على تولية رجل منهم يعرف بالإسكندر، وكان شجاعا ظلوما، فبايعوه، وأمّروه عليهم، فلما تم له الدست .. ظفر بالفقيه عمر الجبرتي وكان من خواص السلطان، فتهددوه، فدلهم على مال عظيم للسلطان كان ختم عليه في جدار يقال: إنه يبلغ خمسة لكوك ذهب قديم، فأخذه منه، وقسمه في العسكر.

سمعت الأمير مرجان الظافري يقول: العجب من علم الفقيه الجبرتي بذلك؛ فإنه لم يحضر على تطيين ذلك المال سوى الشيخ وأنا والمعمار وعبد صغير كان يناول المعمار الطين، وقد مات المعمار والوصيف! قال: ويشبه أن السلطان أخبر به عمر الجبرتي في بعض انشراحاته).انتهى

ثم سار الإسكندر من المقرانة بعساكره إلى جهة صنعاء، فلحقه عسكر السلطان بموضع


(١) هذا على لغة: أكلوني البراغيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>