يعني: ابنه، فقلت: هو غائب عنك بقسطنطينية، ولا تدري أحي هو أم ميت، قال: فمن ترى؟ قلت: رأيك، ثم قال: كيف ترى في عمر بن عبد العزيز؟ قلت: أعلمه والله خيّرا فاضلا مسلما، قال: هو والله على ذلك، ثم قال: والله؛ لئن وليته ولم أولّ أحدا سواه ..
لتكونن فتنة؛ فلا يتركونه عليهم أبدا إلا أن أجعل أحدهم بعده وكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب من عبد الله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز: إني أوليك الخلافة من بعدي، ومن بعدك يزيد بن عبد الملك، فليسمع المؤمنون له وليطيعوا، وليتقوا الله ولا يختلفوا فيطمع فيهم، وختم الكتاب، ثم بعث إلى صاحب شرطته يأمره أن يجمع أهل بيته، فلما اجتمعوا .. قال لرجاء: اذهب بكتابي وأخبرهم أنه كتابي، ومرهم فليبايعوا لمن وليت فيه، ففعل رجاء، فقالوا: ندخل ونسلم على أمير المؤمنين، قال: نعم، فقال لهم سليمان: في هذا الكتاب عهدي، فبايعوا وأطيعوا لمن سميت فيه، فبايعوه رجلا رجلا، وخرج بالكتاب مختوما.
قال رجاء: فلما تفرقوا .. جاءني عمر بن عبد العزيز، فقال: إني أخشى أن يكون هذا قد أسند إليّ شيئا من الأمر، فأنشدك الله إلا أعلمتني، إن كان ذلك حتى أستعفيه الآن قبل أن تأتي حال لا أقدر فيها على ما أقدر عليه الساعة.
قال رجاء: وجاءني هشام بن عبد الملك فقال: إن لي بك حرمة ومودة قديمة، وعندي شكر، فأعلمني هذا الأمر؛ فإن كان إليّ .. علمت، وإن كان إلى غيري .. تكلمت؛ فليس مثلي يصرف عنه ذلك ولك الله علي لا أذكر من هذا شيئا.
فقال له رجاء: لا والله لا أخبرك حرفا واحدا مما أسر إليّ، فانصرف هشام يضرب بإحدى يديه على الأخرى وهو يقول: فإلى من تخرج إذن من بني عبد الملك؟
فلما مات سليمان .. جمعهم رجاء قبل أن يعلموا بموته، وأخذ عليهم البيعة ثانيا لمن في الكتاب، فلما بايعوه ثانية .. نعى إليهم سليمان وأظهر الكتاب.
فقال هشام: لا أبايعه والله أبدا، فقال له رجاء: إذن والله أضرب عنقك، قم فبايع من قد بايعته مرتين، فقام يجر رجليه، وأخذ رجاء بضبعي عمر فأجلسه على المنبر وهو يسترجع لما وقع فيه، وهشام يسترجع لما فاته، ثم أخرجت جنازة سليمان، فخرج أولاد عبد الملك ركبانا، وخرج عمر بن عبد العزيز ماشيا، فلما انصرف من الدفن .. عرضت