الليل يمحوه النهار، فقال الرقاشي: [من الوافر]
متى تصحو وقلبك مستطار ... وقد منع القرار فلا قرار
وقد تركتك صبّا مستهاما ... فتاة لا تزور ولا تزار
إذا وعدتك صدت ثم قالت ... كلام الليل يمحوه النهار
وقال أبو مصعب: [من الوافر]
أما والله لو تجدين وجدي ... لأذهب للكرى عنك المزار
فكيف وقد تركت العين عبرى ... وفي الأحشاء من ذكراك نار
فقالت أنت مغرور بوعدي ... كلام الليل يمحوه النهار
وقال أبو نواس: [من الوافر]
وليلة أقبلت في القصر سكرى ... ولكن زين السكر الوقار
وهز الريح أردافا ثقالا ... وغصنا فيه رمان صغار
وقد سقط الردا عن منكبيها ... من التخميش وانحل الإزار
مددت يدي لها أبغي التماسا ... فقالت في غد منك المزار
فقلت الوعد سيدتي فقالت ... كلام الليل يمحوه النهار
فأمر الرشيد لكل واحد من الأولين بألف دينار، وقال لأبي نواس: كأنك كنت معنا البارحة، وأمر بضرب عنقه، فقال: والله يا أمير المؤمنين؛ ما بت إلا في داري، وإنما استدللت على ما قلت بكلامك، فقبل منه، وأعطاه عشرة آلاف دينار.
ومن غرائبه أيضا: أن الرشيد أرق ذات ليلة، فدخل على بعض حظاياه، فوجدها نائمة وجواريها يضربن بالمعازف على رأسها، فلما رأينه .. تفرقن من حولها، فكشف الرشيد عن وجهها، وقبل موضع خال في خدها، فانتبهت فزعة وقالت: من هذا؟ فقال:
ضيف، فقالت: يكرم الضيف بسمعي والبصر، فلما أصبح .. استدعى بأبي نواس، فقال أبو نواس للرسول: قل له: إن ثيابي مرهونة عند الخمار بست مائة درهم، إن استفكها لي .. لبستها وجئت، فالتزم الرشيد له ذلك القدر، وقال له الرشيد: أحب أن تنظم لي