أبياتا على هذا اللفظ: يكرم الضيف بسمعي والبصر، فقال: [من الرمل]
طال ليلي وعاودني السهر ... ثم فكرت وأحسنت النظر
جئت أمشي في زوايا الخبا ... ثم طورا في مقاصير الحجر
إذ بوجه قمر قد لاح لي ... زانه الرحمن من بين البشر
ثم أقبلت إليه مسرعا ... ثم طأطأت فقبلت الأثر
فاستفاقت فزعا قائلة ... يا أمين الله ما هذا السفر
قلت ضيف طارق في داركم ... هل تضيفوني إلى وقت السحر
فأجابت بسرور سيدي ... يكرم الضيف بسمعي والبصر
فقال الرشيد: يا ابن الفاعلة؛ كنت البارحة تحت السرير تسمع كلامنا، اضربوا عنقه، فحلف ما كان، وشفعوا فيه، فقال: إن كنت صادقا فقل في شيء أنا أبصره هذه الساعة، وكانت جارية قبالة الرشيد تضرب سدرا في ظل سدرتين، لابسة في إحدى كفيها خاتمين، وهي في مكان لا يراها أبو نواس ولا أحد من الناس غير الرشيد، فقال: [من مجزوء الرمل]
نظرت عيني لحيني ... واشتكى وجدي لبيني
عند فيء السدرتين ... شبحا مثل اللجين
يضرب السدر بكف ... وبأخرى خاتمين
فقال الرشيد: أنت تبصرها يا فاعل، اقتلوه، فحلف لا يبصر شيئا، وشفع فيه فلم يقبل، فقالت جارية بالقرب من الرشيد لا يبصرها ولا إلى سواه يبلغ كلامها: بالله يا سيدي خله يروح، فقال الرشيد لها سرا: ما أخليه حتى تمشي عريانة، فحلت ثيابها ومشت حتى جاءته، فخلاه، فلما صار أبو نواس بالباب .. قال: أي والله يا سيدي: [من البسيط]
ليس الشفيع الذي يأتيك متزرا ... مثل الشفيع الذي يأتيك عريانا
فقال له: يا شيطان، فخرج هاربا من ذلك بعد ما أبدع فيما يقول، واخترع ما سحر به العقول.
والبيت الأخير للفرزدق؛ كان اختصم هو وامرأته النوار إلى عبد الله بن الزبير، فنزل الفرزدق على حمزة بن عبد الله بن الزبير، ونزلت امرأته على امرأة على عبد الله بن الزبير، فشفع كل واحد منهما لنزيله، فقبل ابن الزبير شفاعة امرأته دون شفاعة ابنه، فقال الفرزدق: