للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فهذا هو الأصل حتى يأتي دليل يخرجه عن هذا الأصل والدليل مفقود وليست هناك إلا أساطير وإسرائيليات حكاها بعض المفكرين رجمًا بالغيب.

وأما كلام الله لعبده موسى فكان بصوت وحرف صدر منه تعالى كيف شاء.

صفة الوجه:

والذي يظهر أن السيد قطب يثبت صفة الوجه لكن بتحفظ فقال: في سورة البقرة عند قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} فهي توحي بأنها جاءت ردًّا على تضليل اليهود في ادعائهم أن صلاة المسلمين إذًا إلى بيت المقدس كانت باطلة وضائعة ولا حساب لها عند الله، والآية ترد عليهم هذا الزعم وهي تقرر أن كل اتجاه قبلة فثم وجهه، حيثما توجه إليه عابد وإنما تخصيص قبلة معينة هو توجيه من عند الله فيه طاعة لا أن وجه الله سبحانه في جهة والله لا يضيق على عباده ولا ينقصهم ثوابهم، وهو عليم بقلوبهم ونياتهم ودوافع اتجاهاتهم وفي الأمر سعة والنية لله أن الله واسع عليم (١).

وقال في قوله تعالى: {كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ} فكل شيء زائل، وكل شيء ذاهب المال، والجاه، والسلطان، والقوة، والحياة، والمتاع وهذه الأرض ومن عليها وتلك السموات ومن فيها، وما فيها وهذا الكون كله ما نعلمه منه وما نجهله كله هالك فلا يبقى إلا وجه الله الباقي متفردًا في البقاء (٢).

وقال عند قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} وفي ظل هذا النص القرآني تخفت الأنفاس وتخشع الأصوات وتسكن الجوارح وظل الفناء يشمل كل حي، ويطوي كل حركة ويغمر آفاق السموات والأرض، وجلال الوجه الكريم الباقي يظلل النفوس والجوارح والزمان والمكان ويغمر الوجود كله بالجلال والوقار -ثم ذكر كلامًا وقال بعده- ويعقب على هذه اللمسة العميقة الأثر بنفس التعقيب فيعد استقرار هذه الحقيقة الفناء، لكل من عليها وبقاء الوجه الجليل الكريم وحده بعد استقرار هذه الحقيقة نعمة يواجه بها الجن والإنس (٣).

وقال عند قوله تعالى: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (١٩) إلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} ثم ماذا ينتظر هذا الأتقى الذي يؤتي ماله تطهرًا ابتغاء وجه ربه الأعلى إن الجزاء الذي يطالع القرآن به الأرواح المؤمنة هنا عجيب ومفاجئ على غير المألوف (٤).

التعليق:

سيد قطب في تفسيراته لهذه الآيات لا يؤولها بل يبقيها على ظاهرها فنحن نحمله على المتبادر إلى الذهن من إثبات الصفة.

صفة الإتيان والمجيء:

قال عند قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} وهو سؤال


(١) تفسير سيد قطب (١٠٥/ ١).
(٢) نفس المصدر (٢٧١٦/ ٥).
(٣) نفس المصدر (٣٤٥٤/ ٦).
(٤) نفس المصدر (٣٩٢٣/ ٦).