للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ما نصه عند قوله تعالى: {فأينمَا توَلوا فَثم وَجهُ اللهِ} واختلف الناس في تأويل الوجه الذي جاء مضافًا إلى الله تعالى في مواضع من القرآن، فقال الحذاق: ذلك راجع إلى الوجود، والعبارة عنه بالوجه من مجاز كلام العرب، إذ كان الوجه أظهر الأعضاء في الشاهد وأجلها قدرًا، وقال بعض الأئمة: تلك الصفة ثابتة بالسمع، زائدة على ما توجبه العقول من صفات القديم تعالى، وضعف أبو المعالي هذا القول ويتجه في بعض المواضع كهذه الآية خاصة أن يراد بالوجه، الجهة التي وجهنا إليها في القبلة جسمًا يأتي في أحد الأقوال.

وقال أبو منصور في المقنع: يحتمل أن يراد بالوجه هنا الجاه، كما تقول: فلان وجه القوم أي موضع شرفهم فالتقدير فثم جلال الله وعظمته. (١)

صفة المجيء بالإتيان

قال عند قوله تعالى: {هَل يَنظُرُونَ إلا أن يَأتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَل مْنَ الغمَام وَالمَلائِكَةُ}.

والمعنى: يأتيهم حكم الله وأمره ونهيه وعقابه إياهم، وذهب ابن جريج وغيره إلى أن هذا التوعد بما يقع في الدنيا (٢).

وقال عند قوله تعالى من سورة الأنعام: {هَل يَنظُرُونَ إلا أن تأتِيهُمُ المَلائِكَةُ أو يَأتِيَ رَبُّكَ أو يَأتيَ بَعضُ آيَاتِ رَبكَ}.

قال الطبري: لموقف الحساب يوم القيامة وأسند ذلك إلى قتادة وجماعة من المتأولين.

وحكى الزجاج أن المراد بقوله: أو يأتي ربك، أي العذاب الذي يسلطه الله في الدنيا على من يشاء من عباده، كالصيحات والرجفات والخسف ونحوه.

قال القاضي أبو محمد: وهذا الكلام على كل تأويل فإنما هو محذف مضاف تقديره أمر ربك، أو بطش ربك، أو حساب ربك، وإلا فالإتيان المفهوم من اللغة مستحيل في حق الله تعالى، ألا ترى أن الله تعالى يقول: {فَأتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيثُ لَم يَحتسِبُوا} فهذا إتيان قد وقع على المجاز وحذف المضاف. (٣)

أما ظاهر اللفظ لو وقفنا معه فيقتضي أنه توعده بالشهير الفظيع من أشراط الساعة دون أن يخص من ذلك شرطًا، يريد بذلك الإبهام الذي يترك السامع مع أقوى تخيله، لكن لما قال بعد ذلك {يومَ يَأتِي بَعضُ آياتِ رَبكَ لَا يَنفَعُ نفْسًا إيمَانهَا} وبينت الآثار الصحاح في البخاري ومسلم أن الآية التي معها هذا الشرط هي طلوع الشمس من مغربها أو يأتي بعض آيات ربك إنما هي إلى طلوع الشمس من مغربها أو يأتي بعض آيات ربك، وقال بهذا التأويل مجاهد، وقتادة والسدي وغيره، ويقوي أيضًا أن تكون الإشارة إلى غرغرة الإنسان عند الموت.

التعليق:

وعجبًا لأبي محمد بن عطية كيف يذهب هذا المذهب وقد اطلع على ما ذكر الطبري في تفسيره


(١) تفسير ابن عطية: (٣٣٥/ ١).
(٢) تفسير ابن عطية: (١٤٦ - ١٤٧/ ٢).
(٣) نفس المصدر السابق: (١٨٦ - ١٨٧/ ٦).