المختلفة، "وهكذا تجمع في الدابة جميع الحيوانات المختلفة ومختلف الدواب".
ويحاول الخطيب أن يربط الآية التي ذكرت فيها الدابة مع سياق الآيات التي قبلها، إذ أن الآيات التي قبلها كانت تتحدث عن المشركين الضالين الذي ماتت مشاعرهم وعميت أبصارهم وصمت آذانهم فلا يعقلون ولا يبصرون ولا يسمعون شيئًا مما يتلى عليهم من آيات الله، وبينما هم على تلك الحال إذ يطرقهم طارق الموت وإذا هم يعقلون ويسمعون ويبصرون، وإذا هم يفهمون حديث دواب الأرض وقد كانوا من قبل لا يفهمون آيات الله التي تحدثهم بلسان عربي مبين، ويفسر وقوع القول عليهم بالموت فقوله {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيهِمْ} إشارة إلى نزول الموت بهم فوقوع الشيء مجيئة من جهة عالية حيث لا يملك أحد رده ويؤيد رأيه الخاطئ بشأن الدابة بقراءة {تُكَلِّمُهُمْ} وهو من الكلم والجرح؛ أي إن في كلام الدواب لهم جرحًا لشعورهم وإيذاءً لهم، إذ أنهم دون هذه الدواب العجماء فهمًا وإدراكًا.
ولا أدري كيف ينكر الخطيب مثل هذه الآية والروايات الواردة في شأنها صحيحة، جاء في صحيح مسلم من رواية أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا، طلوع الشمس من مغربها، والدّجال، ودابة الأرض.
ومن جهة أخرى فإن استئناس الخطيب بقراءة تكلمهم بمعنى تجرحهم غير مقبول لأن الطبري لم يستجز هذه القراءة، يقول: والقراءة التي لا أستجيز غيرها في ذلك ما عليه قراء الأمصار، وهي تكلمهم بمعنى تخاطبهم وتنبئهم، وهذا يؤيده قراءة أبي (تنَبِّئُهُمْ).
سابعًا: إنكار عملية الشرح أو شق الصدر:
ينكر الخطيب في تفسيره حادثة الشرح التي حدثت لسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في صغره ويفسر الشرح بأنه إخلاء الصدر من وساوس الحيرة والقلق وإجلاء خواطر الهم والغم التي تعشش فيه .. إلى أن يقول وبهذا يتسع لبلابل الفرح والبهجة أن تصدح في جنباته وأن تغرد على أفنانه، يقول الخطيب: "إن ما يروى من أخبار شق صدر الرسول الكريم بما يشبه العملية الجراحية على يد ملكين كريمين يقال إن الله بعثهما لهذه المهمة فشقا صدر النبي - صلى الله عليه وسلم - وختما قلبه وغسلاه وملآه حكمة وعلمًا، فهذا مما ينبغي مجاوزته وعدم الوقوف طويلًا عنده إلى أن يقول: إن الأمر يحتاج إلى نظرة فاحصة من علماء المسلمين جميعًا وإلى كلمة في هذه المرويات المتهافتة التي تضاف إلى الصفوة المختارة من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد نكون مع الخطيب في تفسيره للشرح ولكن لا نكون معه في إنكار عملية شق الصدر، لأن السبيل الموصل إلى قبول مثل هذه الأمور ليس العقل وإنما ما ثبت من الروايات عن طريق النقل الصحيح.
فقد جاء في صحيح مسلم من رواية أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب