للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بماء زمزم ثم لأَمَه ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه (يعني ظئره) (١) فقالوا إن محمدًا قد قتل فاستقبلوه وهو منتقع اللون، قال أنس وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره.

ولعل الخطيب في هذه المسألة يسير مع جمهور المفسرين إذا ذهبوا إلى أن المقصود بالشرح انفتاح الصدر حتى إنه كان يتسع لجميع المهمات لا يقلق ولا يضجر ولا يتحير بل هو في حالتي البؤس والفرح منشرح مشتغل بأداء ما كلف به .. ويجب أن نفرق بين معنى الشرح كما ورد عند جمهور المفسرين وبين قضية شق الصدر، فتفسير الشرح بانفتاح الصدر حتى إنه كان يتسع لجميع المهمات شيء وقضية شق الصدر شيءآخر وقد ينشق ووردت بها الروايات الصحيحة.

وقد أورد مثل هذا المعنى صاحب روح المعاني، قال فالمعنى ألم نفسح لك صدرك حتى حوى عالمي الغيب والشهادة وجمع بين ملكتي الاستفادة والإفادة فما صدك الملابسة بالعلائق الجسمانية عن اقتباس أنوار الملكات الروحانية .. وقد فسر الملابسة بالعلائق الجسمانية عن اقتباس أنوار الملكات الروحانية .. وقد فسر السيوطي الشرح كذلك بأن شرح الله صدره للإسلام.

ثامنًا: الطير الأبابيل هي الجدري:

وكأن الخطيب غفر الله له يتعاظم على قدرة الله الوسيلة التي يهلك بها أعداءه، ولهذا فهو يذهب إلى أن هلاك الأحباش الذين غزو البيت الحرام لهدم الكعبة كان بسبب الجدري فيفسر الطير الأبابيل بالجدري وهذا القول فيه مخالفة صريحة للآيات ومنطوقها وخروج بها عن صريح الكتاب العزيز، يقول الخطيب: "وفي صبيحة اليوم الذي تأهب فيه أبرهة لدخول البلد الحرام فشا في جيشه الجدري فهلك الجيش جميعه.

وهذا الكلام فيه معارضة صريحة لما دلت عليه الأسانيد الصحاح أنها طير دون الحمام ذات أرجل حمر يحمل كل طير ثلاثة أحجار في منقاره وفي رجله، وقد وصف ابن كثير الروايات الواردة في شأن هذه الطير بأنها ذات أسانيد صحيحة وليس كما يقول الخطيب أنه فشا فيهم الجدري والخطيب في هذه المسألة يسير مع الأستاذ محمّد عبده حين مال إلى أن الذي هلك به الأحباش هو داء الجدري، يقول الأستاذ محمّد عبده فيما ينقله عنه الأستاذ سيد قطب: وفي اليوم الثاني فشا في الجند داء الجدري والحصبة .. فيجوز لك أن تعتقد أن هذا الطير من جنس البعوض أو الذباب الذي يحمل جراثيم بعض الأمراض".

يقول صاحب الظلال بعد تأييده لتلك الخارقة وأنها كغيرها من الخوارق التي تحدث صباح ومساء خارجة على مألوف الناس ومعهودهم يقول: "إن تسليط طير كائنًا ما كان يحمل حجارة مسحوقة ملوثة بميكروبات الجدري والحصبة وغلقائها في هذه الأرض في هذا الأوان وإحداث هذا الوباء في الحبش في اللحظة التي يهم فيها باقتحام البيت إن جريان قدر الله على هذا النحو خارقة بل عدة خوارق كاملة الدلالة على القدرة والتقدير وليست بأقل دلالة ولا عظمة من أن يرسل الله طيرًا خاصًّا يحمل حجارة تفعل


(١) الظئر: هي المرضعة ويقال أيضًا لزوج المرضعة ظئر.