للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الحياء فإنه انكسار يعتري القوة الحيوانية فيردها عن انفعالها فقيل حيي الرجل، كما يقال نسي وحشي إذا اعتلت نساه وحشاه وإذا وصف به الباري تعالى كما جاء في الحديث (إن الله يستحي من ذي الشيبة أن يعذبه) (وإن الله حي كريم يستحي إذا رفع العبد يديه أن يردهما صفرًا حتى يضع فيهما خيرًا).

فالمراد به الترك اللازم للإنقباض كما أن المراد من رحمته وغضبه إصابة المعروف والمكروه اللازمين لمعنييهما ونظيره قول من يصف إبلا.

وإنما عدل به عن الترك لما فيه من التمثيل والمبالغة وتحتمل الآية خاصة أن يكون مجيئه على المقابلة لما وقع في كلام الكفرة (١).

التعليق:

كل ما ذكره البيضاوي من التأويل لا حاجة إليه والصواب إثبات الصفة على ما تليق به.

صفه الكلام:

قال عند قوله تعالى من سورة طه: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى} قيل إنه لما نودي قال: من المتكلم؟ قال: إني أنا الله فوسوس إليه إبليس لعلك تسمع كلام الشيطان فقال: أنا عرفت أنه كلام الله بأني أسمعه من جميع الجهات وبحميع الأعضاء وهو إشارة إلى أنه عليه الصلاة والسلام تلقى من ربه كلامًا تلقيًا روحانيًا ثم تمثل ذلك الكلام لبدنه فانتقل إلى الحس المشترك فانتقش به من غير اختصاص بعضو وجهة.

التعليق:

وهذا كلام من لم يثبت لله الكلام الحقيقي المبني على الإختيار والمشيئة الذي لا يكيف بكيفية، والذي يدعوه إلى هذا هو وأمثاله هو مذهبه الفاسد الذي يريد بزعمه أن ينزه الله وهو في الحقيقة مذهب التأويل المذموم -والله المستعان- (٢).

صفة الوجه:

البيضاوي على عادته في تأويل الصفات التي تخالف مذهبه يؤول صفة الوجه ويعطلها عن معناها وهذه تفسيراته لصفة الوجه في مواردها في القرآن فقال عند قوله تعالى: {فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} أي جهته التي أمر بها فإن مكان التولية لا يختص بمسجد أو مكان فثم ذاته هو عالم مطلع بما يفعل فيه (٣).

وقال في سورة الكهف عند قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} رضا الله وطاعته (٤).

وقال عند قوله تعالى من سورة القصص: {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إلا هُوَ كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ} إلا ذاته فإن ما عداه ممكن هالك في حد ذاته معدوم (٥).

وقال عند قوله تعالى من سورة الرحمن: {كُلُّ مَنْ عَلَيهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} ذاته ولو استقريت جهات الموجودات


(١) تفسير البيضاوي (٢١).
(٢) تفسير البيضاوي (٤١٤).
(٣) تفسير البيضاوي (٢٤).
(٤) نفس المصدر: ٣٩١.
(٥) تفسير البيضاوي: ٥٢٤.