للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ووهاده ونظيره من المجازات المركبة ثابت له الليل وقيل معناه: أنه فقير كقوله تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} {غُلَّتْ أَيدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا}، دعاء عليهم بالبخل والنكد أو بالفقر والمسكنة أو بغل الأيدي حقيقة يغلون أسارى في الدُّنيا ومسحبين إلى النار في الآخرة، فتكون المطابقة من حيث اللفظ وملاحظة الأصل كقولك سبّني سبّ الله دابره، بل يداه مبسوطتان، ثني اليد مبالغة في الرد ونفي البخل عنه تعالى وإثباتًا لغاية الجود فإن غاية ما يبذله السخي من ماله أن يعطيه بيديه وتنبيهًا على منح الدّنْيا والآخرة وعلى ما يعطى للإستدارج وعلى ما يعطى للإكرام (١).

فكلام البيضاوي في تفسير هذه الآية ظاهر في التأويل والتعطيل والقول بالمجاز في آية الصفات هو مذهب أهل التأويل وهو غطاء يجعلونه في تحريف الصفات عما أراد الله بها، وهذا هو ما فعله البيضاوي اللهم غفرًا.

وقال عند قوله تعالى من سورة "ص": {قَال يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} خلقته بنفسي من غير توسط كتاب وأم والتثنية لما في خلقه من مزيد القدرة واختلاف الفعل (٢).

وقال عند قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْويَّاتٌ بِيَمِينِهِ} تنبيه على عظمته، وكمال قدرته وحقارة الأفعال العظام التي تتحير فيها الأوهام بالإضافة إلى قدرته ودلالة على أن تخريب العالم أهون شيء عليه على طريقة التمثيل والتخييل من غير اعتبار القبضة واليمين حقيقة ولا مجازًا كقولهم:

شابت له الليل والقبضة المرة من القبض (٣).

التعليق:

لقد أغرق البيضاوي في تفسير هذه الآيات التي وردت فيها صفة اليد في التعطيل وأغراه الزمخشري بأسلوبه الثعلبي فسار في ركبه وقلده في مذهبه. اللهم غفرًا.

إثبات الرؤية:

قال عند قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.

أي لا تحيط به الأبصار جمع بصر وهو حاسة النظر وقد يقال: للعين من حيث أنها محلها واستدل به المعتزلة على امتناع الرؤية وهو ضعيف لأنه ليس الإدراك مطلق الرؤية ولا النفي في الآية عامًا في الأوقات فلعله مخصوص ببعض الحالات ولا في الأشخاص فإنه في قوة قولنا لا كل بصر يدركه مع أن النفي لا يوجب الامتناع وهو يدرك الأبصار يحيط علمه بها (٤).

وقال عند قوله تعالى: {قَال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيكَ قَال لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي}.

أرني نفسك بأن تمكنني من رؤيتك وتنجلي لي فأنظر إليك وأراك وهو دليل على أن رؤيته


(١) تفسير البيضاوي: ١٥٢.
(٢) تفسير البيضاوي: ٦٠٦.
(٣) تفسير البيضاوي: ٦١٦.
(٤) نفس المصدر: ١٨٦.