للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كيف) (١) وقوله: (إن الله وضع عنا أن نفكر فيه كيف كان وكيف قدر وكيف خلق ولم يكلفنا ما لم يجعله في تركيبنا ووسعنا) (٢). وقوله رحمه الله في مناقشة المنكرين لرؤية الله تعالى يوم القيامة: ( ... فإن قالوا لنا كيف ذلك النظر والمنظور إليه قلنا نحن لا ننتهي في صفاته جل جلاله إلا إلى حيث انتهى إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا ندفع ما صح عنه لأنه لا يقوم في أوهامنا ولا يستقيم على نظرنا بل نؤمن بذلك من غير أن نقول فيه بكيفية أوحد أو نقيس على ما جاء ما لم يأت) (٣). وما ذهب إليه ابن قتيبة يرحمه الله في هذه القاعدة الجليلة من قواعد المنهج السلفي هو ما عليه علماء السلف قديما وحديثا.

القاعدة الثانية:

إن ابن قتيبة ينزه الله عما نزه الله نفسه عنه سبحانه في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير أن يعطل النصوص عن معانيها الواردة لها في لسان الشرع يدل على ذلك تفسيره لقوله تعالى {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} ولسورة الإخلاص فهو يقول ليس كمثله شيء أي ليس كهو شيء (٤). ولم يكن له كفوا أحد. أي مثيلا (٥). ويقول في قوله تعالى هل تعلم له سميا أي شبيها (٦).

وهذه القاعدة هي من القواعد التي ينبني عليها مذهب السلف الصالح، يقول الشنقيطي: (أن مبحث آيات الصفات دل القرآن العظيم أنه يرتكز على ثلاثة أسس ... أحد هذه الأسس الثلاثة هو تنزيه الله جل وعلا عن أن يشبه شيء من صفاته شيئًا من صفات المخلوقين وهذ الأصل يدل عليه قوله تعالى: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} [الشورى: ١١]، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}. {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَال} [النحل: ٧٤]، ... فيلزم كل مكلف أن ينزه ربه جل وعلا عن أن تشبه صفته صفة الخلق ... ومن ظن أن صفة خالق السموات والأرض تشبه شيئًا من صفات الخلق فهو جاهل ملحد ضال ومن آمن بصفات ربه جل وعلا منزها ربه عن تشبيه صفاته بصفات الخلق فهو مؤمن منزه سالم من ورطة التشبيه والتعطيل، وهذا التحقيق هو مضمون ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فهذه الآية فيها تعليم عظيم يحل جميع الإشكالات ويجب عن جميع الأسئلة حول الموضوع ذلك؛ لأن الله قال وهو السميع البصير بعد قوله ليس كمثله شيء ومعلوم أن السمع والبصر من حيث هما سمع وبصر يتصف بهما جميع الحيوانات فكان الله يشير للخلق ألا ينفوا عنه صفة سمعه وبصره بادعاء أن الحوادث تسمع وتبصر وأن ذلك تشبيه، بل عليهم أن يثبتوا له صفة سمعه وبصره على أساس ليس كمثله شيء فالله جل وعلا له صفات لائقة بكماله وجلاله والمخلوقات لهم صفات مناسبة لحالهم وكل هذا حق ثابت (٧) ".


(١) اختلاف اللفظ (١٣٦).
(٢) نفس المصدر (٢٤٣).
(٣) تأويل مختلف الحديث (٢٠٨).
(٤) غريب القرآن (٣٩١).
(٥) نفس المصدر (٤٥٥).
(٦) المصدر السابق (٢٧٢).
(٧) منهج ودراسات (٤٢٣).