للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تمويه المموه بذكر الكسب، فإنا سنذكر سر ما نعتقده في خلق الأعمال"، ثم رجح منع تكليف ما لا يطاق، ورجح جواز ورود الصيغة به دون الطلب كقوله تعالى {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: ٦٥]، وخلاصة قوله: "إنه يكلف المتمكن، ويقع التكليف بالممكن، ولا نظر إلى الاستصلاح ونقيضه"، فالجويني بهذا القول يكون قد بعد عن مذهب الأشاعرة في هذه المسألة، ويزيدها إيضاحًا قوله في مسألة "قدرة العبد" هل تقارن المقدور أو تسبقه.

٣ - وفي مسألة الاستطاعة، أو القدرة الحادثة للعبد، ذكر مذهب أبي الحسن الأشعري أن القدرة الحادثة نقارن حدرث المقدور ولا نسبقه ثم قال بعد شرحه: "ومذهب أبي الحسن -رحمه الله- متخبط عندي في هذه المسألة ثم قال: "ومن أنصف من نفسه علم أن معنى القدرة التمكن من الفعل، وهذا إنما يعقل قبل الفعل وهو غير مستحيل في واقع حادث في حالة الحدوث".

٤ - وفي مسألة أزلية كلام الله تعالى والخلاف الواقع بين الكلابية والأشعرية في أزلية الأمر والنهي -وهما من أجزاء الكلام عندهم- قال: "اشتهر من مذهب شيخنا أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري - رضي الله عنه - مصيره إلى أن المعدوم وقع في العلم وجوده واستجماعه شرائط التكليف فهو مأمور -معدومًا- بالأمر الأزلي، وقد تمادى المشغبون عليه، وانتهي الأمر إلى إنكفاف طائفة من الأصحاب عن هذا المذهب، وقد سبق القلانسي رحمه الله من قدماء الأصحاب إلى هذا، وقال: كلام الباري تعالى في الأزل لا يتصف بكونه أمرًا ونهيًا ووعدًا ووعيدًا وإنما يثبت له هذه الصفات فيما لا يزال عند وجود المخاطبين"، ثم رد الجويني على القلانسي -الذي يمثل مذهبه مذهب الكلابية-، ثم ذكر مسلكين لأئمة الأشاعرة في إثبات أن المعدوم مأمور، ثم ذكر طريقة أبي الحسن الأشعري في ذلك، ثم قال معلقًا: "هذا منتهى مذهب الشيخ [الأشعري]- رضي الله عنه - فأقول: إن ظن ظان أن المعدوم مأمور فقد خرج عن حد المعقول، وقول القائل: إنه مأمور على تقدير الوجود تلبيس، فإنه إذا وجد، ليس معدومًا، ولا شك أن الوجود شرط في كون المأمور مأمورًا" -ثم قال بعد هذا الكلام مباشرة- معلنًا حيرته في هذه المسألة العظيمة المتعلقة بكلام الله تعالى: "وإذا لاح ذلك بقي النظر في أمر بلا مأمورًا" وهذا معضل الأرب، فإن الأمر من الصفات المتعلقة بالنفس، وفرض متعلق لا متعلق له محال، والذي ذكره في قيام الأمر بنا في غيبة المأمور تمويه، ولا أرى ذلك أمرًا حاقًا، وإنما هو فرض تقدير -وما أرى الأمر لو كان كيف يكون- إذا حضر المخاطَب قام بنفس الأمر إلحاق المتعلق به، والكلام الأزلي ليس تقديرًا، فهذا مما نستخير الله تعالى فيه، وإن ساعف الزمان أملينا مجموعًا من الكلام ما فيه شفاء الغليل إن ضاء الله تعالى" هذا منتهاه في مسألة من أهم المسائل التي نميز بها المذهب الأشعري.

٥ - ويري الجويني أن الأشاعرة وضعوا بعض الأصول مثل: نفي التجسيم عن الله ومثل نفي العلو (الجهة)، ثم ذكر أن المعتزلة عجزوا عن نصب الأدلة على استحالة كون القديم جسمًا،