يبدو من أمره أنه كان يصانع الشيعة ويحطب في حبلهم ويأخذ أخذهم" وكذلك قال محققوا سر الصناعة.
وأرى أن الرأي الثاني هو الصواب، أن ابن جني لم يكن شيعيًا وإنما كان يصانعهم وذلك لما يلي:
١. الترضي عن عمر جاء في "المنصف" ومنه قول عمر - رضي الله عنه -: "اخشوشنوا وتمعددوا" وجاء فيه "وقرأ عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ورضوانه "الله لا اله إلا هو الحي القيوم" ونحوه في أماكن أخرى.
٢. الصلاة على الصحابة مع النبي: جاء في (المقتضب): والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمّد النبي وآله وصحبه وسلم تسليمًا" وفي (التصريف الملوكي). "وصلى الله على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلم".
٣. الفصل بين الصلاة على الرسول وآله بـ"على" وإن ورد في أماكن أخرى بغير فصل كما قال الأستاذ الشلبي، وهو من شعائر الشيعة -كما مر- جاء في (التصريف الملوكي): "وصلى الله على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلم".
٤. الترضي عن علي: جاء في (الخصائص): أولًا يعلم أن أمير المؤمنين عليًّا - رضي الله عنه - هو البادئ والمنبه عليه -يعني النحو- وشعار الشيعة التسليم عليه.
٥. الترضي عن الحسن والترحم عليه -جاء في (الخصائص) - "ومنه قراءة الحسن - رضي الله عنه - (صادِ والقرآن) وجاء فيه أيضًا" وقد حكي عن الحسن رحمه الله أنه كان يقول: "آمين اسم من أسماء الله عزَّ وجلَّ وهو هنا يعني الحسن البصري، وعلى أي حال فهو دليل على عدم شيعيته فإن كان يعني الحسن بن عليّ فشعار الشيعة هو السلام عليه وإن كان الحسن البصري فهو واضح.
وجاء فيه أيضًا: فأما الحكاية عن الحسن - رضي الله عنه - وقد سأله رجل عن مسألة.
٦. أمثاله التي يضربها تشعر بذلك، فهو يقول في (الخصائص) ألا تراك لو قلت: دخلت البصرة فرأيت أفضل من ابن سيرين لم يسبق الوهم إلا إلى الحسن - رضي الله عنه - وفي مكان آخر يقول: وذلك نحو قولك فلان يقول بقول أبي حنيفة ويذهب إلى قول مالك.
لقد كان في رجال الشيعة غنى لو كان كذلك.
٧. الترحم على أصحاب أبي حنيفة- جاء في الخصائص: هذا موضع كان أبو حنيفة رحمه الله يراه ويأخذ به.
٨. الترحم على أصحاب أبي حنيفة، فقد جاء في (الخصائص): وقلت مرة لأبي بكر أحمد بن عليّ الرازي رحمه الله، وهو شيخ الحنفية ببغداد، وفي مكان آخر يقول: وكذلك محمّد بن الحسن رحمه الله إنما ينتزع أصحابنا منها العلل.
٩. له كتاب (مسألتان من كتاب الإيمان لمحمد بن الحسن الشيباني الفقيه الحنفي -فاتيكان ثالث- ملحق ٣٢) ونكتفي بذلك.
ولذا أرجح أن ابن جني لم يكن شيعيًا وإنما كان مصانعًا للشيعة.