للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السلفية، وما بينهما كان على ما عليه الأشعرية من الإيمان بالصفات الذاتية وتأويل ما سواها من الخبرية وثبت أن الإبانة من مؤلفاته، وأن من كان على مذهبه في طوره الثاني فهو أشعري، ومن كان على مذهبه في طوره الأخير فهو سلفي، وعليه فالأشعرية غير الأشعري.

وأن المذهب الأشعري في اليمن هو مذهب الأشعري في طوره الثاني.

وموقف ابن الوزير من الأشعرية -عمومًا- متعدد:

فأحيانًا يكون كالحكم بينهم وبين خصومهم المعتزلة، وأحيانًا يكون كالخصم للأشعرية بل لغلاتهم نفاة الحكمة، إذ أثبتها ابن الوزير، كما أثبتها السلف من قبله بالأدلة العقلية والنقلية، حتى إنه أثبت الحكمة في الشرور، وفي خلق الأشقياء واستشهد بكلام أبي حامد الغزالي كما بينته في موضعه.

أما أشعرية اليمن فلم أقف له على مراسلات أو مناظرات معهم.

١٦ - إن إثبات حكمة الله -تعالى- في أقواله وأفعاله كثيرة، شاهده له -سبحانه- بالحكمة البالغة، والنعمة السابغة والحجة الدامغة، ومنزهة له عن العبث والظلم، وذلك واضح في الكتاب والسنة، كالأسماء الحسنى، وقصة آدم والملائكة في سورة البقرة، وقصة موسى والخضر، وغير ذلك مما سبقت الإشارة إلى بعضه.

وأن الشر الذي يضج به العالم، فيه من الخير الكامن ما لا يحصيه إلا الله -عزَّ وجلَّ- وخاصة ما يضج به عالمنا الحاضر، من الشرور والمجاعات، والحروب الطاحنة بين المسلمين وأعدائهم، وبين المسلمين أنفسهم، {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالمِينَ} {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} سنة الله في خلقه {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القائل: "إني سألت الله ثلاثًا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألته ألّا يهلك أمتي بسنة فأعطانيها، وسألته ألّا يسلط عليهم عدوًا من غيرهم فأعطانيها وسألته ألا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها" والقائل: (يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت).

مع الاعتقاد أن هذا كله قد تضمنه القدر، ومنه علم الله السابق -في خلقه قبل أن يبرأ البرية- وإرادته بقسميها {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.

١٧ - إن تسرب الباطنية إلى اليمن كان عن طريق العراق، من جوار قبر الحسين بن علي رضي الله عنهما بتوجيهات ميمون القداح -المجوسي أو اليهودي- لعلي بن الفضل