الحميري (٣٠٣ هـ) أثناء زيارته قبر الحسين، وأرسل معه رجلًا من كبار الشيعة يُدعى الحسن بن فرج الكوفي، ثم اشتهر بمنصور اليمن، وكلفهما القداح بنشر الدعوة باسم ابنه عبيد الله المهدي، مع التظاهر بالزهد، وكثرة التعبد، والاعتزال عن الناس، بغرض المكيدة للإسلام، وذلك في (٢٦٧ هـ)، وقيل: (٢٦٨ هـ) وقيل غير ذلك واستمرت إلى تاريخ وفاة علي بن الفضل وظاهر الدعوة إلى الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام، واختصاص علي - رضي الله عنه - بالإمامة، والطعن في جميع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
وقد نجحا في دعوتهما باستمالة العامة باسم الدين، واستولى كل منهما على البلاد التي استقر بها.
وكان أشدهما علي بن الفضل الحميري وكانت الحرب سجالًا بين أئمة الزيدية والباطنية في جهة المناطق الجبلية الشمالية وبينها وبين الأمراء من آل يُعفر الحوالين وغيرهم من جهة أخرى حتى سيطرت الباطنية على معظم البلاد اليمنية في عهد علي بن الفضل الحميري.
أما في عهد الصليحي الباطني (٤٥٧ هـ) فقد سيطرت على جميع اليمن من سنة (٤٣٩ - إلى سنة ١٤٥٧ و ٤٥٩ هـ).
وفي العهدين المذكورين أزهقت الباطنية الأرواح وسفكت الدماء وأباحت المحرمات.
وقد وقف منهم أئمة الزيدية موقفًا حازمًا سياسيًا وعسكريًا وثقافيًا حتى كادت أن تخمد نار فتنتهم، ولكنها تخمد مرة وتذكو مرات.
ومن المؤسف أن بقاياهم لا زالت في اليمن وغيره من سائر بلاد الإسلام.
وأنهم تركوا آثارًا سيئة في الاعتقاد والأخلاق، ولا تزال باقية إلى يوم الناس هذا مقرره ومدرسة بينهم.
وأخطر من هذا الاتصال المباشر بينهم من بلد إلى بلد للتربص بالإسلام والمسلمين، مع تغافل العلماء والحكام عن حركاتهم الإلحادية في بلاد المسلمين.
وموقف ابن الوزير منهم هو موقف كل مسلم غيور على دينه وأمته كما ينته في موضعه.
١٨ - إن الأصل في الإنسان التدين الفطري، وأن الوثنية أمر طارئ ( ... وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم فاجتالهم الشياطين عن دينهم).
والفطرة تتضمن الإقرار بوجود الله عزَّ وجلَّ.
وأن إنكار الصانع أمر غريب لم يذكر إلا عن فرعون، ونمرود إبراهيم على خلاف في الأخير.
وأن الإسلام قسمان: فطري: وهو التهيؤ والاستعداد للإسلام الشرعي، لأن الفطري موجود في كل إنسان حتى في الكفار {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} و (كل مولود يولد على الفطرة) وقسم شرعي مكتسب بالإرادة والتعلم والعمل، بعد توفيق الله -عزَّ وجلَّ-.
وبناء عليه فإن الفطرة هي الإسلام فيما قبل البلوغ.
أما بعده فلا بد من أمرين:
إما الاستمرار في الإسلام الفطري الموصول إلى الإسلام الشرعي، وينطبق على ذلك حديث: (كل مولود يولد على الفطرة) وطبقًا لما سبق في