للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

علم الله السابق من السعادة.

وأما الخروج عن الفطرة بكل معانيها، باتباع شياطين الجن والإنس بما فيهم الأبوان (واني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالهم عن دينهم) (فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه) وطبقًا أيضًا لما سبق في علم الله من الشقاوة.

١٩ - إن الطريقة التي سلكها ابن الوزير في إثبات وجود الله -عزَّ وجلَّ- هي طريقة السلف الصالح، طريقة القرآن الكريم البحتة وهي: دلالة الفطرة- دلالة الأنفس- دلالة الآفاق- دلالة المعجزات.

وإنه ينكر الاعتماد على النظر العقلي في الوصول إلى العقائد الإلهية المخالفة لطريقة الرسل، وإنما يستخدم العقل في فهم النصوص، وفيما للعقل فيه مجال، كالتفكر في المصنوع لا في الصانع.

وأن أول واجب على المكلف - في نظره -الإيمان بالله تعالى- بدون نظر ولا استدلال، لأن الأنبياء كافة، ما كانوا يأمرون الصبي، إذا بلغ التكليف، بالنظر ولا الكافر إذا أراد الدخول في الإسلام.

وأن الطريق إلى معرفة الله -تعالى- لا تحتاج إلى الطرق اليونانية الملتوية المعقدة، ولذلك قال كثير من العلماء والعقلاء إنه أمر ضروري، لا يحتاج إلى نظر، وإنما يحتاج إلى تذكر يوقظ من سنة الغفلة، كتذكر الموت الذي تقع الغفلة عنه وهو ضروري {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}.

٢٠ - إن ابن الوزير نهج منهج السلف في الاستدلال على إثبات الأسماء والصفات، لكن على الطريقة الإجمالية لأنها الطريقة المتفق عليها، وهذا مطابق لما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من السلف وقد بينته في ذلك المبحث.

وإن أفكار ابن الوزير هنا مستقاة من أفكار أئمة السلف بدليل المقارنة بين الأفكار، وأنه بريء مما قيل فيه إنه معتزلي أو توجد رائحة الاعتزال في كلامه.

وقد تبين لي أنه بريء مما اتهم به، براءة الذئب من دم يوسف - عليه السلام -.

ولو كان معتزليًا فما فائدة الجدال والخصومة والمناظرات والمراسلات بينه وبين المعتزلة والزيدية التي كانت نتيجتها كتابه (العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم) ومختصره (الروض الباسم) وغير ذلك من مؤلفاته القيمة.

٢١ - الاستفاضة عن شيخ الإسلام ابن تيمية بالقول بفناء النار غير صحيحة، ومن هذا تبين أن المستفيض من كلام الناس قد يكون غير مطابق للواقع.

وما أثاره ابن الوزير والصنعاني وغيرهما عن ابن تيمية في المسألة ذاتها، فعمدتهم فيه (حادي الأرواح) وهو لابن القيم لا لشيخه ابن تيمية.

وأن ابن القيم له في هذه المسألة ثلاث مراحل:

الأولى: الميل إلى القول بفناء النار لكثرة الوجوه والأدلة المحيرة للعقول التي أوردها مؤيدة لذلك، وزاد ابن الوزير الطين بلّه.

الثانية: التوقف كما هو صريح كلامه في (الحادي) وقد سبق ذلك.