النهائية بقلم الشيخ محمّد عبده.
بل يرى بعضهم أن الشيخ محمّد عبده هو الذي ألفه، ووضع اسم قاسم أمين عليه دفعًا للحرج، وكان ذلك بإشارة من (اللورد كرومر)، والأميرة نازلي إذ كان هؤلاء يترددون على صالونها باستمرار.
وتحت مظلة المدرسة الإصلاحية، ظهر كتاب الشيخ علي عبد الرازق، (الإسلام وأصول الحكم) يدعو فيه صاحبه إلى فصل الدين عن الدولة، وذلك عام (١٩٢٥ م).
وظهر كذلك دعاة التحرر الفكري في الأدب والثقافة، وكان على رأسهم: أحمد لطفي السيد، مدير الجامعة، وطه حسين عميد حركة التغريب.
ومن ذلك حركة إنكار السنة جزئيًّا أو كليًّا، أمثال أحمد أمين ومحمود أبو رية.
ومن دعاة التضليل: محمّد أحمد خلف الله في كتابه "الفن القصصي في القرآن" إذ زعم فيه أن ورود الخبر لا يقتضي وقوعه، وعندما رفضت الجامعة المصرية (جامعة فؤاد) هذه الرسالة، دافع عنها المشرف عليها (أمين الخولي) قائلًا: "إنها ترفض الآن ما كان يقرره الشيخ محمّد عبده بين جدران الأزهر منذ اثنتين وأربعين عامًا" لقد ساهم الشيخ في التقريب بين الثقافة التقليدية وثقافة أوربا، ومن هنا فإن المستشرق جيب يقول:
"إن تلامذته هم أولئك الذين تعلموا على الطريقة الأوروبية، إذ أن ما كتبه الشيخ كان بمثابة درع واقية للمصلحين الاجتماعيين والسياسيين، وإن عظمة اسمه قد ساهمت في نشر أخبار لم تكن تنشر من قبل، ثم إنه قد أقام جسرًا من فوق الهوة السحيقة بين التعليم التقليدي، والتعليم العقلي المستورد من أوروبا، الأمر الذي مهد للطالب المسلم أن يدرس في الجامعات الأوروبية دون خشية من مخالفة معتقده، وهكذا انفرجت مصر المسلمة بعد كبت".
وقد كانت آراء المدرسة الإصلاحية، وآراء الاشراق والمعتزلة، هي المنهل الثر للعصرانيين الجدد أيضًا، الذين دفعوا بمقولات هؤلاء أشواطًا بعيدة في التحرر وتطوير الدين، والتفلت من ثوابته الأساسية.
ولعل آراء المعاصرين للشيخ محمّد عبده تلقي ضوءًا على خطورة هذه المدرسة ومؤسسها:
يقول الشيخ مصطفى صبري: "أما النهضة المنسوبة إلى الشيخ محمّد عبده فخلاصتها أنه زعزع الأزهر عن جموده على الدين، فقرب كثيرًا من الأزهريين إلى اللادينيين خطوات، ولم يقرب اللادينيين إلى الدين خطوة، وهو الذي أدخل الماسونية في الأزهر بواسطة شيخه جمال الدين، كما أنه هو الذي شجع قاسم أمين على ترويج السفور في مصر".
ويقول في موضع آخر من كتابه: "فلعل الشيخ محمّد عبده، وشيخه جمال الدين، أرادا أن يلعبا في الإسلام دور لوثر وكلفن زعيمي البروتستانت في المسيحية، فلن يستنّ لهما الأمر لتأسيس دين حديث للمسلمين، وإنما اقتصر سعيهما على مساعدة الإلحاد المقنع بالنهوض والتجديد".
ويرى أحد معاصري الشيخ محمّد عبده، أن المآخذ على هذه المدرسة تنحصر في أمرين: