للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من مثل قوله في تفسير قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَينَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: ٦٥ , ٦٦]: في الآية الأولى صورة من صورة تناقض الكفار المشركين، فهم يخصون الدعاء لله وحده حينما يركبون الفلك لينجيهم إلى البر استتباعًا لعقيدتهم بأنه خالق الكون ومدبره الأعظم الضار النافع وحده، فإذا ما نجاهم عادوا إلى شركهم" (١). فعبارة المؤلف "ومدبره الأعظم" غير دقيقة. وبخاصة أن الماسونية تقول عن الله "مهندس الكون الأعظم" أمام السذج والعميان بمن ينضمون إليها. وإذا بحثت عن هذا المهندس تجده ملك الحكومة العالمية التي تسعى الماسونية لتحقيقها. فهو يهودي من نسل داود - عليه السلام - كما يزعمون.

والله سبحانه ليس خالق الكون وحده، بل خالق الكون والإنسان والحياة. أي ما اصطلح عليه بالوجود. والله سبحانه هو الواجب الوجود.

و"الأعظم" صيغة أفعل التفضيل. وهي توحي بمدبر للكون أقل عظمًا منه ويدخل في ذلك قول الأستاذ أمين الخولي عن القرآن: "كتاب العربية الأعظم" وهذه العبارة توحي بوجود كتاب أقل عظمًا من القرآن الكريم.

ولا يجوز وصف الله بغير الصفات التي وصف بها ذاته، سبحانه وتعالى عما يصفون" أ. هـ.

ولما كان القرآن لا يحتوي شيئًا عن ماهية العرش، كما أنه ليس هناك حديث نبوي ثابت ووثيق في ذلك، فالواجب أن يقف المرء فيما ورد في صدد ماهيته موقف التحفظ.

ولما كان من عادة الملوك أن يكون لهم عروش عظيمة فخمة. ثم لما كان في التعابير الأسلوبية ما يفهم منه أن عروش الملوك كانت وما زالت ترمز إلى سعة الملك وعظمته وفخامته أيضًا، ولما كانت الآيات التي احتوت كلمة عرش الله قد وردت في صدد بيان عظمته عزَّ وجلَّ وعلو شأنه وشمول ربوبيته ونفوذ أمره في جميع الكائنات خلقًا وتدبيرًا وتسخيرًا فالمتبادر أن الكلمة قد استعملت للتقريب والتشيه. ولا سيما أن الله عز وجل ليس مادة يمكن أن تحد بمكان أو صورة أو تحتاج إلى عرش مادي. وفي القرآن آيات نسبت إلى الله اليد واللسان والروح والنزول والمجيء والقبضة مما هو منزه عن مفهوماتها المادية وما هو بسبيل التقريب والتشيه. وهذا وذاك من باب واحد.

ولقد كان تعبير استواء الله على العرش مثار جدل وخلاف بين علماء الكلام. فكان منهم المؤول ومنهم المنزه لله عن الاستواء المادي والعرش المادي، ومنهم الأخذ على الظاهر والواقف عنده بدون تأويل. ومنهم الكاره للجدل القائل "الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة" ومنهم القائل: إن معنى استواء الله على العرش استقامة أمر ملك السموات والأرض لله تعالى وانفراده بتدبيره بعد خلقه، وإن عقيدة التنزيه القطعية الثابتة بالعقل والنقل مانعة لكل توهم


(١) التفسير الحديث (٧ - ٣٣).