محدود بحد كل محدود، فما تحد شيئًا إلا هو حد للحق، فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود، فهو عين الوجود. وذكر فصلًا من هذا النمط، تعالى الله عما يقول علوا كبيرًا. استغفر الله، وحاكي الكفر ليس بكافرٍ. قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في ابن العربي هذا: شيخ سوءٍ، كذاب، يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجًا، هكذا حدثني شيخنا ابن تيمية الحراني به عن جماعة حدثوه عن شيخنا ابن دقيق العيد أنه سمع الشيخ عز الدين يقول ذلك. وحدثني بذلك المقاتلي، ونقلته من خط أبي الفتح بن سيد الناس أنه سمعه من ابن دقيق العيد.
قلت: ولو رأي كلامه هذا لحكم بكفره، إلا أن يكون ابن العربي رجع عن هذا الكلام، وراجع دين الإسلام، فعليه من الله السلام ... ولابن العربي توسع في الكلام، وذكاء، وقوة حافظة، وتدقيق في التصوف، وتواليف جمة في العرفان، ولولا شطحات في كلامه وشعره لكان كلمة إجماع، ولعل ذلك وقع منه في حال سكره وغيبته، فنرجو له الخير" أ. هـ.
• لسان الميزان: (ونقل رفيقنا أبو الفتح اليعمري، وكان متثبتًا، قال سمعت الإمام تقي الدين بن دقيق العيد يقول: سمعت شيخنا أبا محمّد بن عبد السلام السلمي يقول: وجرى ذكر أبي عبد الله بن العربي الطائي فقال: هو شيخ سوء شيعي كذاب، فقلت له: وكذاب أيضًا؟ قال: نعم، تذاكرنا بدمشق التزويج بالجن فقال: هذا محال لأن الإنس جسم كثيف، والجن روح لطيف، ولن يعلق الجسم الكثيف الروح اللطيف، ثم بعد قليل رأيته وبه شجة فقال: تزوجت جنية فرزقت منها ثلاثة أولاد، فاتفق يومًا أني أغضبتها فضربتني بعظم حصلت منه هذه الشجة، وانصرفت فلم أرها بعد هذا أو معناه.
قلت: نقله لي بحروفه ابن رافع من خط أبي الفتح، وما عندي أن محيي الدين تعمد كذبًا، لكن أثرت فيه تلك الخلوات والجوع، فسادًا وخيالًا وطرف جنون، وصنف التصانيف في تصوف الفلاسفة وأهل الموحدة، فقال أشياء منكرة عدها طائفة من العلماء مروقًا وزندقة، وعدها طائفة من العلماء من إشارات العارفين ورموز السالكين، وعدها طائفة من متشابه القول، وأن ظاهرها كفر وضلال، وباطنها حق وعرفان، وأنه صحيح في نفسه، كبير القدر.
وآخرون يقولون قد قال هذا الباطل والضلال، فمن الذي قال إنه مات عليه، فالظاهر عندهم من حاله أنه رجع وأناب إلى الله فإنه كان عالمًا بالآثار والسنن، قوي المشاركة في العلوم.
وقولي أنا فيه: إنه يجوز أن يكون من أولياء الله الذين اجتذبهم الحق إلى جنابه عند الموت، وختم لهم بالحسنى، فأما كلامه، فمن فهمه وعرفه على قواعد الاتحادية، وعلم محط القوم، وجمع بين أطراف عباراتهم، تبين له الحق في خلاف قولهم، وكذلك من أمعن النظر في فصوص الحكم، وأنعم التأمل، لاح له العجب، فإن الذكي إذا تأمل من ذلك الأقوال والنظائر والأشباه، فهو [يعلم بأنه] أحد رجلين: أما من الاتحادية في