للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن المديني: قدم "بغداد" سنة ثمان وستمائة، فكان يومئ إليه بالفضل والمعرفة، والغالب عليه طريق أهل الحقيقة، وله قدم في الرياضة، والمجاهدة وكلام على لسان القوم، ورأيت جماعة يصفونه بالتقدم والمكانة عند أهل هذا الشأن بالبلاد، وله أتباع، ووقفت له من مجموع من تآليفه، فيه منامات حدث بها عن من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنامات يرويها عن رؤيته هو للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكتب عني شيئًا من ذلك، وسمعته منه.

وقال ابن النجار: صحب الصوفية، وأرباب القلوب، وسلك طريق الفقر، وحج، وجاور، وصنف كتبًا في علم القوم، وفي أخبار زهاد المغاربة، وله أشعار حسان، وكلام مليح، اجتمعت به بـ"دمشق"، وكتبت عنه شيئًا من شعره ونعم الشيخ هو، وقرأت بخط اليعموري أسد بن سعد الدين ابن شيخنا الإمام الراسخ محيي الدين أبي عبد الله محمّد بن علي بن محمّد بن أحمد بن عبد الله بن العربي الحاتمي، وذكر شعرًا.

وقال ابن سدي: وكان يلقب القشيري، لقبًا غلب عليه لما كان يشتهر به من التصوف، وكان جميل الحلية والفضل، محصلًا لفنون العلم، وله في الأدب الشأو الذي لا يلحق. سمع ببلده من أبي بكر بن الحسين، ومحمد بن سعيد بن زرقون، وجابر الحضرمي، وبسبتة من أبي محمّد بن عبيد الله، وبإشبيلية من عبد المنعم الخزرجي، وأبي جعفر بن نصار، وبمرشنة من أبي بكر بن أبي حمزة، وذكر أنه لحق عبد الحق بـ"بجاية" وفي ذلك نظر، وأن السلفي أجاز له، وأحسنها الإجازة العامة. وله تآليف.

وكان مقتدرًا على الكلام، ولعله ما سلمه من الكلام، وكان ظاهري المذهب في العبادات، باطني النظر في الاعتقادات، ويقال إنه لما كان ببلاد الروم، دلسه الملك ذات يوم، فقال هذا يدعو الأسود فقال خدمته لتلك فقال في المبذل لك أعد خلقه.

وقد أطراه الكمال بن الزملكاني، فقال: هو البحر الزاخر في المعارف الإلهية، وإنما ذكرت كلامه وكلام غيره من أهل الطريق، لأنهم أعرف بحقائق المقامات من غيرهم، لدخولهم فيها، وتحققهم بها ذوقًا مخبرين عن عين اليقين، وقال ابن أبي المنصور: كان من أكبر علماء الطريق، جمع بين سائر العلوم المكتسبة ومأموله من العلوم الوهبية، وكان غلب عليه التوحيد، علمًا، وخلقًا، وحالًا، لا مكترثًا بالوجود، مقبلًا كان أو معرضًا. ويحكي عنه من يتعصب له أحوالًا سنية، ومعارف كثيرة، والله أعلمء وقرأت بخط أبي العلاء الفرضي في المسند له: كان شيخًا عالمًا، جامعًا للعلوم، صنف كتبًا كثيرة، وهو من ذرية عبد الله بن حَاتِم الطائي، أخي عدي بن حاتم، وأما عدي فلم يعقب، وتقدم له ذكر في ترجمة ابن دحية عمر بن الحسن في حرف العين.

وقال القطب السرمين في ذيل في ترجمة "سعد الدين بن أبي عبد الله محيي الدين بن عربي": كان والده من كبار المشايخ العارفين. وله مصنفات عديدة وشعر كثير، وله أصحاب يعتقدون فيه اعتقادًا عظيمًا مفرطًا، يتغالون فيه، وهو عندهم نحو درجة النبوة، ولم يصحبه أحد إلا وتغالى فيه، ولا يخرج عنه أبدًا، ولا يفضل عليه غيره ولا يساوي به أحدًا من أهل زمانه،