وتصانيفه لا يفهم منها إلا القليل، لكن الذي يفهم منها حسن جميل. وفي تصانيفه كلمات ينبو السمع عنها، وزعم أصحابه أن لها معنى، باطنها غير الظاهر، وبالجملة فكان كبير القدر من سادات القوم، وكانت له معرفة تامة بعلم الأسماء والحروف، وله في ذلك أشياء غريبة، واستنباطات عجيبة، انتهى) أ. هـ.
• الشذرات: (قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في طبقات الأولياء: (وقال بعضهم: برز منفردًا مؤثرًا للتخلي والإنعزال عن الناس ما أمكنه، حتى إنه لم يكن يجتمع به إلا الأفراد، ثم آثر التآليف، فبرزت عنه مؤلفات لا نهاية لها، تدل على سعة باعه، وتبحره في العلوم الظاهرة والباطنة، وأنه بلغ مبلغ الاجتهاد في الاختراع والاستنباط، وتأسيس القواعد والمقاصد التي لا يدريها ولا يحيط بها إلا من طالعها بحقها، غير أنه وقع له في بعض تضاعيف تلك الكتب كلمات كثيرة أشكلت ظواهرها، وكانت سببًا لإعراض كثيرين لم يحسنوا الظن به، ولم يقولوا كما قال غيرهم من الجهابذة المحققين، والعلماء العاملين، والأئمة الوارثين: إن ما أوهمته تلك الظواهر ليس هو المراد، وإنما المراد أمور اصطلح عليها متأخروا أهل الطريق غيرة عليها، حتى لا يدعيها الكذابون، فاصطلحوا على الكناية عنها بتلك الألفاظ الموهمة خلاف المراد، غير بالين بذلك، لأنه لا يمكن التعبير عنها بغيرها.
قال المناوي: وقد تفرق الناس في شأنه شيعًا، وسلكوا في أمره طرائق قددًا فذهبت طائفة إلى أنه زنديق لا صديق، وقال قوم: إنه واسطة عقد الأولياء، ورئيس الأصفياء، وصار آخرون إلى اعتقاد ولايته وتحريم النظر في كتبه.
أقول: منهم الشيخ جلال الدين السيوطي، قال في مصنفه "تنبيه الغبي بتبرئة ابن عربي": والقول الفيصل في ابن العربي اعتقاد ولايته وتحريم النظر في كتبه، فقد نقل عنه هو أنه قال: نحن قوم يحرم النظر في كتبنا.
قال السيوطي: وذلك لأن الصوفية تواضعوا على ألفاظ اصطلحوا عليها، وأرادوا بها معان غير المعاني المتعارفة منها، فمن حمل ألفاظهم على معانيها المتعارفة بين أهل العلم الظاهر كفر، نص على ذلك الغزالي في بعضه كتبه، وقال: إنه شبيه بالمتشابه من القرآن والسنة، من حمله على ظاهره كفر.
وقال السيوطي أيضًا في الكتاب المذكور: وقد سأل بعض أكابر العلماء بعض الصوفية في عصره: ما حملكم على أن اصطلحتم على هذه الألفاظ التي يستشنع ظاهرها؟ فقال: غيرة على طريقنا هذا أن يدعيه من لا يحسنه ويدخل فيه من ليس من أهله، إلى أن قال: وليس من طريق القوم إقراء المريدين كتب التصوف، ولا يؤخذ هذا العلم من الكتب، وما أحسن قول بعض العلماء لرجل قد سأله أن يقرأ عليه "تائية ابن الفارض" فقال له: دع عنك هذا، من جاع جوع القوم، وسهر سهرهم، رأى ما رأوا.
ثم قال في آخر هذا التصنيف: إن الشيخ برهان الدين البقاعي قال في "معجمه": حكى لي الشيخ نقي الدين أبو بكر بن أبي الوفاء المقدسي الشافعي قال -وهو أمثل الصوفية في زماننا- قال: كان بعض الأصدقاء يشير عليّ بقراءة كتب