للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الإحياء، وإنما كان شكه - عليه السلام - في أن الله سبحانه قد لا يستجيب لطلبه في أن يريه ويطلعه على كيفية إحياء الموتى؟ ولنضرب هذا المثل -ولله المثل الأعلى من قبل ومن بعد- والمثل لتقريب المسألة من العقول؛ لأن الله منزه عن أبي تشبيه.

إن الواحد منا يقول للمهندس: كيف بنيت هذا البيت؟ إن صاحب السؤال يشير إلى حدث وإلى محدث وهو البيت الذي تم بناؤه، فهل معرفة الكيفية تدخل في عقيدة الإيمان؟ لا.

ولنعلم أولًا ما معنى: عقيدة؟ . إن العقيدة هي: أمر معقود، وإذا كان هذا فكيف يقول: "ليطمئن قلي"؟ فهل هذا دليل على أن إبراهيم قبل السؤال، وقبل أن يجاب إليه، لم يكن قلبه مطمئنًا؟ لا، لقد كان إبراهيم مؤمنًا، ولكنه يريد أن يزداد اطمئنانًا؛ لأنه أدار بفكره الكيفية التي تكون عليها عملية الإحياء، لكنه لا يعرف على أية صورة تكون" أ. هـ.

قال في قول سحرة فرعون عندما شاهدوا معجزة موسى - عليه السلام - وحقيقتها وإيمانهم بالله تعالى بعدها: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالمِينَ} [الأعراف: ١٢١] (٧/ ٤٣٠١).

وهل هم سجدوا بعد الإيمان؟ أم آمنوا بعد السجود؟ النص هنا يظهر منه أنهم آمنوا بعد السجود، ولكن كان الأمر يقتضي إلا يسجد أحد إلا لأنه آمن، لكن نحن نعرف أن الإيمان عمل قلبي، والسجود عمل عضلي وسلوك عملي، فكل منهم آمن بقلبه فسجد.

وهناك فرق بين أن يؤمنوا فيسجدوا ثم يعلنوا إيمانهم، فيقولو: آمنا برب العالمين؛ لذلك نحن لا نرتب السجود على إيمان، بل نرتب السجود مع القول بالإيمان وبإعلان الإيمان؛ لأن إعلان الإيمان شيء، والإيمان شيء آخر، فكأنهم آمنوا فخروا ساجدين وبعد هذا قاموا بإعلان الإيمان، وكأن الناس سألوهم: ما الذي جرى لكم؟ فقالوا: {آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالمِينَ}.

إذن فمن يحاول أن يستدرك على النص فعليه أن ينتبه إلى أن إخبارهم عن الإيمان يعني وجود الإيمان اولًا، والسحرة قد آمنوا فسجدوا، فاستغرب منهم الناس هذا السجود، وهنا قال السحرة: لا تستغربوا ولا تتعجبوا فنحن قد آمنا برب العالمين"أ. هـ.

ثم نذكر ما قال الشيخ الشعراوي في صفة اليد عند قوله تعالى: {وَقَالتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} الآية [المائدة: ٦٤]، (٦/ ٣٢٦١).

"ونعرف أن اليد جارحة حرة الحركة تنفعل يمينًا وننفعل شمالًا وتنفعل إلى أسفل والى أعلى، ولها من الأصابع ما جعل الله لكل أصبع مع زميله مهمة، وليلاحظ كل منا أصابعه في أثناء أي عمل، سيجدها تتاعد وتتقارب بحركة إرادية منسجمة لتؤدي المهمة، وخلفة الأصابع بالمفاصل والعُقَل وحجم كل عُقلة يختلف عن الأخرى، لتؤدي المهمة بانسجام، وساعة تعوّق هذه الجارحة عن أداء مهمتها فأنت بذلك تكون قد غللتها، أي ربطتها عن التصرف المطلوب منها.

ومعنى قوله: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} أي أن يد الله -والعياذ بالله- مشلولة الحركة.

وقد قالوا ذلك قبل ظهور سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -