متمرد عليه، أو ضد كل متأبٍ ومستكبر من الكافرين أو من أهل الكتاب" أ. هـ.
وقال الشيخ الشعراوي في صفة الكلام عند كلام الله تعالى لموسى - عليه السلام - (٧/ ٤٣٤٠) ما نصه:
"وقوله سبحانه: {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} هو قول يدل على أن كلامًا حصل من الله لموسى فكيف يحدث ذلك وسبحانه قد قال في مسألة الكلام بالنسبة للبشر كلامًا عامًا:
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى: ٥١].
وفي هذا نفي أن يكلم الله البشر، إلا بالوسائل الثلاث: الوحي أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا، والوحي النسبة للأنبياء يكون بإلقاء المعنى في قلب النبي دفعه، مع العلم اليقيني بأن ذلك من الله عزَّ وجلَّ، وقد يراد بالوحي الإلهامات، مثل الوحي إلى أم موسى، والوحي إلى الحواريين، وكذلك إلى الملائكة، وقد يراد بالوحي: التسخير؛ كالوحي للأرض، والنحل.
وبعد ذلك: "أو من وراء حجاب" أي أن يسمع كلامًا ولا يرى متكلمًا، "أو يرسل رسولًا" هو جبريل - عليه السلام -، والقرآن لم ينزل إلا بطريقة واحدة، بواسطة نزول جبريل - عليه السلام - على - سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فما نزل القرآن بالالهام، وما نزل القرآن من وراء حجاب بل نزل بواسطة رسول من الله وهو جبريل وله علامات.
وهنا في كلام موسى نقول إن الكلام وقع فيه من وراء حجاب وهنا نمسك عن الخوض فيما وراء ذلك لأنه غيب لم يكشف لنا عنه ونترك الأمر فيه لله.
وقد سبق أن قلنا: إن صفات الله لا يوجد مثلها في البشر، فليس وجود الإنسان كوجود الله، وليس غنى الإنسان كغنى الله، وكذلك لن يكون أبدًا كلامك ككلام الله، لأن كل شيء يخص الله إنما نأخذه في إطار "ليس كمثله شيء" وقد بين الحق سبحانه وتعالى أن كلامه لموسى تميز لموسى، ولذلك يقول الحق: {إِنِّي اصْطَفَيتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: ١٤٤].
ويجب أن ناخذ كل وصف يوجد في البشر، ويوجد مثله، في وصف الله مثل "استوى"، و "جلس" و"وجها، و"يد" نأخذ كل ذلك في إطار "ليس كمثله شيء".
{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيكَ} [الأعراف: ١٤٣].
وحينما خص الله موسى بميزة أن تكلم إليه، حصل من موسى استشراق اصطفائي، وكأنه قال لنفسه: ما دام قد كلمني فقد أقدر أن أراه، لأن استطابة الأنس تمد للنفس سبل الأمل في الامتداد في الأشياء مثلما قال موسى من قبل ردًّا على سؤال الله: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (١٧)} [طه: ١٧].
كان الجواب يكفي أن يقول: "عصا" لكنه قال: {قَال هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} الآية [طه: ١٨].
قال ذلك على الرغم من أن الحق لم يسأله: ماذا تفعل بها؟ وأراد بالكلام أن يطيل الأنس بربه، وكأنه عرف أنه من غير اللائق أن يكون الجواب