يساويه في ذاته تعالى وصفاته (ليس بجسم) لأن الجسم مركب فيحتاج إلى الجزء والاحتياج دليل الإمكان (ولا عرض) لأنه يفتقر إلى محل يقومه فيكون ممكنًا (ولا جوهر) وهو الجزء الذي يتجزأ فجزء للجسم ومتحيز فيكون ممكنًا وأما عند الفلاسفة فلأنهم جعلوه من أقسام الممكن قال العلامة التفتازاني إذا أريد بالجسم القائم بذاته وبالجواهر الموجود لا في موضوع فإنما يمتنع إطلاقهما لعدم ورود الشرع (ولا مصور) أي ذي صورة مثل صورة الإنسان لأن ذلك من خواص الأجسام (ولا متناه) أي ليس له نهاية في زمان أو مكان لأن ذلك من صفات المقادير والأعداد (ولا متحيز) لأن الحيز هو الفراغ المتوهم الذي يشغله شيء ممتد أو غير ممتد فلو تحيز فإما في الأزل فيلزم قدم الحيز أولًا فيكون محلًا للحوادث وأنه يلزم احياجه إلى الحيز فيكون ممكنا (ولا يطعم) شيئًا من المطعومات (ولا شرب) من المشروبات لأنهما من خواص الأجسام وموجب للاحتاج قال الله تعالى {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ}).
وفي صفحة (١/ ٢١٨) قال " (ولا يتمكن بمكان) لأن التمكن عبارة عن نفوذ بعد في بعد آخر متوهم أو متحقق يسمونه المكان والبعد عبارة عن امتداد قائم بالجسم أو بنفسه عند القائلين بوجود الخلاء والله تعالى منزه عن المقدار والامتداد لاستلزام التجزي ولأنه لو كان في مكان لزم قدم المكان وأيضًا يلزم افتقاره إليه وكل مفتقر ممكن فيلزم كون الواجب ممكنًا وأيضًا يلزم كونه جوهرًا وقد أبطلناه وأورد عيه بأن كل موجود متحيز ببداهة العقل ودفع بأنه بداهة الوهم لا بداهة العقل لأن الوهم في غير المحسوسات ليس بمقبول وأما النصوص الظواهر في التجسم المستلزم للمكان نحو قوله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}{وَجَاءَ رَبُّكَ}{إِلَيهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} قال صاحب المواقف أنها ظواهر ظنية لا تعارض اليقينات الدالة على نفي المكان فلزم أنها متشابهات فنفوض علمها إلى الله تعالى كما هو مذهب السلف أو نؤولها بنحو الاستيلاء على العرش وجاء ربك أي أمر ربك وإليه يصعد الكلم الطيب أي يرتضيه (ولا يجري عليه زمان) لأن الزمان متجدد يقدر به متجدد آخر كما هو عند المتكلمين أو مقدار الحركة والله منزه عنهما لأن التجدد لا يتصور في القديم وكذا المقدار (وليس له جهة من الجهات الست ولا هو في جهة منها) وهي فوق وتحت ويمين ويسار وقدام وخلف والجهة عند المتكلمين نفس المكان بإضافة جسم آخر إليه فإذا انتفت الجسمية والمكانية تنتفي الجهة لأنها من خواص الأجسام ولأنه تعالى لو كان في جهة أو زمان لزم قدم المكان أو الزمان ولأنه أمارة الإمكان للافتقار إليه فإن قيل على ما ذكرت إن الجهة راجعة إلى المكان فما وجه ذكره بعده قلت الوجه زيادة التوضيح في باب التنزيه وتصريح الرد وتأكيده للمخالف كما ذكره التفتازاني (ولا يجب عليه شيء) كاللطف والأصلح دينًا أو دنيويًا فلا يجب إثابة المطيع وعقوبة العاصي وإلا لما خلق الكافر الفقير المعذب في الدّنْيا والآخرة ولما يستحق الله الحمد والشكر في إفاضة الخيرات لكونهما أداء للواجب ولما كان لسؤال العصمة والتوفيق وكشف الضر ونحوها معنى لأن ما لم