هو إلا تذييل على قلائد العقيان، وكان قد ترجم لابن باجة في القلائد وهجاه فيه، فلما سمع ابن باجة بذلك استصله، وبعث إليه بما طلب فذكره في المطمح، وقد أثار ابن سعيد إلى أن المطمح ذكر رجالًا من رجال القلائد وأضاف آخرين غيره، وأشار المقري أيضًا إلى هذه القضية في أزهار الرياض عندما قال: لم يظهر من مقتضى ذلك أن المطمح إنما زاد على القلائد في الرجال، وأما ما اتفقا عليه فلفظهما فيه واحد".
وهذا يدل على أنَّ القلائد هو الأصل، وأن المطمح ألف أيضًا بعد تأليف كتاب القلائد -أي بعد سنة (٥١٧ هـ) - ويبدو أن هذه المختارات لم تستغرق زمنًا طويلًا، فقد أملاها الفتح -كما يقول في مقدمته- في بعض أيامه .. " أ. هـ.
قلت: قد ناقض أَبو خاقان نفسه في هذين الترجمتين، وما قاله محقق كتاب "مطمح الأنفس" نعلم: إن ما ذكره الفتح كان هو في وقت صدام بينه وبين ابن باجة، كما ذكر ذلك المقري في نفح الطيب وقال سبب ذلك:"العداوة وبينه -أي ابن باجة- وبين الفتح ... ). نقلًا عن لسان الدين بن الخطيب، ولعل الصلح الذي تم بعدها بينهما قد جعل ابن خاقان يعدل عن قوله في القلائد، إلى القول بالثناء والمدح في مطمح الأنفس كما مرّ بك نصه.، . والله أعلم بالصواب.
* قلت: ومن كتاب (رسائل ابن باجة في الإلهية) حققها أستاذ الفلسفة في الجامعة الأمريكية ببيروت (ماجد فخري) حيث قال في مقدمته (ص ٢٤): (تنطوي الرسائل التي بين يدي القارئ على فحوى فلسفة ابن باجة الإلهية والخلقية. فما هي القضايا التي تدور عليها هذه الفلسفة؟ يمكن الإجابة على ذلك بكلمتين:
التوحد والاتصال. فماذا نعني بهاتين اللفظتين؟
رددنا أعلاه مصادر فلسفة ابن باجة الرئيسية إلى ثلاثة: أفلاطون وأرسطو والفارابي. ولو أردنا أن نخصص لقلنا "الجمهورية، و"فادون" لأفلاطون وكتابي "الأخلاق" و"الحس والمحسوس" لأرسطو، و"السياسة المدنية" و"رسالة العقل" للفارابي. العاد المشترك لهذه المؤلفات هو تحديد طبيعة الإنسان العقلية وغايته القصوى والسبل المدنية المثلي لبلوغ هذه الغاية. وفي ذلك، يسقم ابن باجه بالمقدمة الفارابية الكبرى القائلة إن حيّز الطبيعة العقلية البشرية هو جوهر عقلي بسيط هو جوهر عقلي يقع خارج تخوم عالم ما تحت القمر، هو العقل الفعال، فاستحال على الإنسان أن يحقق طبيعته العقلية إذن إلا بالاتصال بهذا العقل. وبين الرسائل التي ننشرها رسالة قصير دعاها "من الأمور التي يمكن بها الوقوف على العقل الفعال" يثبت فيها وجودًا صورة لا يمكن أن تكون في مادة أصلًا وهي ملابسة للصور الهيولانية وسبب لوجودها" من أربعة وجوه، حاصلها: أولًا، أن الأجسام الكائنة الفاسدة خاضعة للأجرام السماوية ومشتقة من الإسطقسات، وهي غير كائنة ولا فاسدة. فلزوم ضرورة أن توجد "صورة لا يمكن أن تكون في مادة أصلًا، وهي ملابسة للصور الهيولانية وسبب لوجودها" كما مرّ معنا. وثانيًا، أن الإنفعال مرده إلى المعنى الكلي القائم في الفاعل، وليس إلى الفاعل من حيث هو كائن جزئي. وثالثًا، أن القوة المتخيلة في الحيوان تطلب المعنى