للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الغريبة التي يردها العقل، ولا يثبتها ما له قيمة من النقل". (١)

٣ - التقليل من شأن التفسير بالمأثور:

ويشمل هذا النوع من التفسير: تفسير القرآن بالقرآن، وتفسيره بالسنة النبوية، وبأقوال الصحابة والتابعين.

وقد أشاد السلف بهذا النوع من التفسير، فأفرد المحدّثون منهم، كالبخاري ومسلم وغيرهما أبوابًا للتفسير، جمعوا فيها ما صحّ عندهم من التفسير المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

أما المدرسة الإصلاحية، فهم يقبلون المنهج السابق، ولكن بغير الحماس الذي يظهرونه لقبول المنهج العقلي.

لهذا فهم حين يشكل عليهم حديث، لا يترددون في تأويله، فإن قبل التأويل، وإلا أبطلوه وكذبوه وطعنوا في رواته، ولو كان في الصحيحين.

ويوضح هذا المنهج الشيخ محمّد رشيد رضا بقوله: "وأما الروايات المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وعلماء التابعين في التفسير، فمنها ما هو ضروري أيضًا، لأن ما صحّ من المرفوع لا يقدم عليه شيء، ويليه ما صح من علماء الصحابة، مما يتعلق بالمعاني اللغوية، أو عمل عصرهم، والصحيح من هذا وذاك قيل، وأكثر التفسير المأثور قد سرى إلى الرواة من زنادقة اليهود والفرس، ومسلمة أهل الكتاب". (٢)

والحق أن السيد محمّد رشيد رضا، لم يستمر في سلوكه هذا المنهج، فقد خالفه بعد موت أستاذه إذ يقول: "هذا وإني لما استقللت بالعمل بعد وفاته، خالفت منهجه رحمه الله تعالى؛ بالتوسع فيما يتعلق بالآية، من السنة الصحيحة، سواء كان تفسيرًا لها أو في حكمها" (٣).

٤ - التحذير من التفسير بالإسرائيليات:

المقصود بالإسرائيليات: الروايات المنسوبة إلى بني إسرائيل ومنها أيضًا ما نسب إلى النصارى وأهل الكتاب عامة، وللسلف منها موقف يتلخص في:

أ - أن ما وافق شريعتنا تجوز روايته للاستشهاد، لا للاعتقاد.

ب - أن ما خالف شريعتنا لا تصح روايته.

جـ - أن ما ليس في شريعتنا من الأمور التي لا توافقها ولا تخالفها، فلا بأس من حكايتها من غير تصديق ولا تكذيب.

إلا أن أصحاب المدرسة العقلية، شنوا حملة شعواء على الإسرائيليات وحذروا من الخوض فيها، وذموا على المفسرين السابقين تناولهم لها.

وكعادتهم في مجاوزة حد الاعتدال المحمود إلى التطرف والإسراف، فإنهم تطرفوا في التحذير من هذه الإسرائيليات، وأدى بهم هذا التطرف إلى تكذيب بعضها، مع موافقتها لما صح من شريعتنا، بل ردوا بعض الأحاديث التي توافقها، وإن صحت، حتى ولو رواها البخاري ومسلم.

ولم يقتصر الأمر على هذا، بل تناولوا بعض


(١) تفسير المنار (٢/ ٥٦١) و (٩/ ٥٦٦).
(٢) تفسير المنار (١/ ٧ - ٨).
(٣) تفسير المنار (١/ ١٦).