للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الصحابة بالتجريح، وشككوا في إيمان بعض التابعين الذين شهد لهم السلف الصالح بالعدالة، وروى لهم البخاري ومسلم، ونسبوا مَنْ وثقهم من علماء الحديث إلى الغفلة. (١)

ومن أشد رجال المدرسة العقلية حربًا للإسرائيليات ورفضًا لها، هو الأستاذ محمّد رشيد رضا، حيث يقول:

"وأكثر التفسير المأثور، قد سرى إلى الرواة من زنادقة اليهود والفرس ومسلمة أهل الكتاب". (٢)

وقد نسب أباطيل الروايات الإسرائيلية إلى "مقاصد كعب الأحبار وأمثاله"، وقال عن كعب أخيرًا: "كعب الأحبار الذي أجزم بكذبه، بل لا أثق بإيمانه" (٣).

وقال عن كعب ووهب بن منبه: "إن بطلي الإسرائيليات وينبوعي الخرافات، كعب الأحبار، ووهب بن منبه". (٤)

والحقيقة أن هذا تطاول، لا يعتمد إلا على الهوى، والبعد عن التقيد بالسنة، وآراء الصحابة ومن تبعهم بإحسان .. "يقول رشيد رضا ما سبق بيانه، رغم أن أبا هريرة وابن عباس رضي الله عنهما، وغيرهما من الصحابة، قد رووا عن كعب، فهل يرى هؤلاء أن الصحابة رضي الله عنهم، يروون عن كذاب وضّاع؟ ألا نقبل نقد هذا بتزكية صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم؟

٥ - إنكار التقليد والدعوة إلى فتح باب الاجتهاد:

من خلال ما تقدم تبيّن لنا أن الشيخ محمّد عبده وصحبه، كانوا يعرضون عن الأدلة والروايات الصحيحة، ويتمسكون بالروايات الضعيفة، أو الموضوعة إذا وافقت هواهم، وهذا هو أسلوب المستشرقين.

ثم تراهم بعد ذلك ينكرون التقليد في مجالات الفقه - خاصة - ويزعمون لأنفسهم حقًّا في الاجتهاد، ويخالفون فيه النصوص القطعية الشرعية -كما سنرى - محاولة فصل الدين عن الحياة. ولا خلاف بين العلماء يذكر، في النهي عن التقليد في جانب العقائد وبيقى أمر التقليد في الأحكام الشرعية الفقهية.

وقد أباحوا الربا: ففي تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: ١٣٠].

"قال السيد رشيد رضا: إن المحرم هو ما كان أضعافًا مضاعفة، وأن المراد بالربا فيها، ربا الجاهلية المعهود عند المخاطبين عند نزولها، لا مطلق المعنى اللغوي الذي هو الزيادة، فما كل ما يسمى زيادة ربا" (٥).

وهذا استجابة منه لدعوة أستاذه الذي دعا إلى إباحة الربا حفاظًا على اقتصاد البلاد حيث يقول: "إن أهل بخارى جوزوا الربا لضرورة الوقت عندهم، والمصريون قد ابتلوا بهذا فشدد الفقهاء على أغنياء البلاد، فصاروا يرون أن الدين ناقص، فاضطر الناس إلى الاستدانة من


(١) تفسير المنار (١/ ٨).
(٢) نفس المرجع (٩/ ٢٧).
(٣) نفس المرجع (٩/ ٢٧).
(٤) نفس المرجع (٩/ ٤٣٨).
(٥) تفسير المنار (٤/ ١٢٣).