للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يقول: "سميع للأصوات والحروف والكلمات بسمعه القديم الذي هو نعت له بالأزل، بصير بالأشكال والألوان بإبصاره القديم الذي هو صفته الأزلية، فلا يحدث له سمع بحدوث مسموع ولا بصر بحدوث مبصر، فهو السميع البصير يسمع ويرى لا يعزب عن سمعه مسموع وإن خفى غاية السر، ولا يغيب عن رؤيته مرئي وإن دق في النظر، لا يحجب سمعه بعد، ولا يدفع رؤيته ظلام، ولا يشذ عن سمعه صوت، بل يرى دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، فالسمع صفة تتعلق بالمسموعات والبصر صفة تتعلق بالمبصرات، فيدرك بهما إدراكًا تامًّا لا على سبيل التخييل والتوهم (١) ".

ثم يعقب صاحب الكتاب على ما تقدم فيقول: (ص ٢٥٨): "نلاحظ من كلام القنوجي في صفتي السمع والبصر لله تعالى، أنه تناول في رده على المخالفين قضية مهمة، وهي أن السمع والبصر صفتان متميزتان عن صفة العلم، وانتقاؤهما عن الله إثبات ضدهما وهو الصمم والعمى، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا".

وفي الصفحة (٢٥٩) يقول ذاكرًا رأيه في بقية الصفات -علمًا أنه قد أفرد الكلام عن صفة الكلام والاستواء واليد ومسألة الرؤية: - "يتضح لنا من موقفه في الصفات التي ذكرنا وقيل ذلك موقفه من التأويل- أنه يذهب مذهب السلف، من إجراء الصفات على ظاهرها دون تشبيه أو تأويل أو تعطيل، كما وصف تعالى نفسه في كتابه، ووصفه رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأنها صفات كمال لا يجوز نفيها.

ولم يكن في هذه الصفات فقط موافقًا للسلف، بل في بقية الصفات كذلك.

يقول: "ومن صفاته سبحانه: اليد، واليمين، والكف، والإصبع، والضحك، والتعجب، والحب ... إلى غير ذلك مما نطق به الكتاب والسنة.

فكل هذه الصفات، تساق مساقًا واحدًا، ويجب الإيمان بها على أنها صفات حقيقية، لا تشبه صفات المخلوقين، ولا يمثل، ولا يعطل، ولا يرد، ولا يجحد، ولا يؤل بتأويل يخالف ظاهره" (٢)

وهذا تبيين لمذهب السلف.

يقول ابن تيمية -رحمه الله-: "إن أولى الناس بالحق أتبعهم له (الرسول - صلى الله عليه وسلم -) وأعظمهم له موافقة - وهم سلف الأمة وأئمتها - الذين أثبتوا ما دل عليه الكتاب والسنة من الصفات، ونزهوه عن مماثلة المخلوقات، فإن الحياة والعلم والقدرة، والسمع والبصر والكلام، صفات كمال ممكنة بالضرورة ولا نقص فيها، فإن من اتصف بهذه الصفات فهو أكمل ممن لا يتصف بها، والنقص في انتفائها لا في ثبوتها، والقابل للاتصاف بها كالحيوان أكمل ممن لا يقبل الاتصاف بها كالجمادات" (٣).


(١) الإنتقاد الرجيح (ص: ٦) بغية الرائد (ص: ٩).
(٢) قطف الثمر (ص ١٠)، خبيئة الأكوان (ص ٤٢)، عون الباري (٦/ ٥٦١).
(٣) مجموع الفتاوى (٦/ ٨٨).