للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وإذا كان القنوجي قد اختصر القول في إثبات هذه الصفات فإنه قد أفاض في إثبات صفات الكلام والاستواء واليد وإثبات الرؤية، الأمر الذي يجعلنا أن نفرد كل صفة من هذه الصفات بمبحث خاص".

وفي مبحث صفة الكلام قال (ص ٢٦١): "ذهب القنوجي إلى أن الله تعالى متكلم حقيقة بصوت مسموع، وأن كلامه تحت مشيئته وقدرته، والكلام صفة من صفاته تعالى القديمة القائمة بذاته المقدسة، وتحدث بمشيئته وقدرته آحادها، بمعنى أن جنس كلامه قديم، وأفراده حادثة. يقول: "ومن مذهب أهل الحق، ومما اتفق عليه أهل التوحيد والصدق، أن الله لم يزل متكلمًا بكلام مسموع مفهوم مكتوب" (١).

هذا وقد بيّن القنوجي رأيه في صفات الكلام لله عزَّ وجلَّ وذلك ضمن تفسيره لكثير من الآيات القرآنية التي وضّح فيها مذهبه في إثبات صفة الكلام، كما أثبثها الله ورسوله، أذكر بعضها:

قال تعالى:

{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}.

يقول القنوجي: {أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ} بوجه من الوجوه {إلا وَحْيًا} بأن يوحي إليه .. {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} كما كلّم موسى، يريد أن كلامه يسمع من حيث لا يرى" (٢).

فالشاهد فيها أن الله تعالى متكلم حقيقة، وتكليمه لرسله من ثلاثة طرق: إما أن يكون وحيًا، أو أن يكون بكلام مسموع بدون واسطة من وراء حجاب، كما كلّم موسى - عليه السلام -، أو أن يرسل ملكًا بتبليغ كلام الله".

وفي الكلام عن موقفه من الكلام النفسي قال (ص ٢٧٠): "وأما منهج المؤولين الذين نفوا أن يكون الله متكلمًا بحرف وصوت، وظنوا أنه حادث في ذاته، فقالوا بمنعه، فتعين عندهم أن كلامه نفسي.

وبناءً على هذا أن الكلام الذي نتلوه ليس كلام الله الحقيقي، لأنه حروف وأصوات، بل هو عبارة عن كلامه القديم، فهذا المنهج الذي نهجوه خلاف ما ثبت من الكتاب والسنة والإجماع، يقول:

"وأما الكلام النفسي الذي ذكر في كتب الأشاعرة وغيرهم فلا استشمام لرائحته في الكتاب والسنة" وقال أيضًا: "فمن قال إنه كلام ملك أو كلام بشر فمسكنه سقر، ولا يعلم طريق تكلمه سبحانه وتعالى إلا هو، وكيفيته موكولة إليه تعالى" (٣).

وما نسب إلى الحنابلة بأن غلاف القرآن وجلده قديمان، فهذه كلمة تخرج من أفواههم.

كما يقول القنوجي:

"وظلمت الحنفية ومن قال بقولهم: الحنابلة ومن


(١) قطف الثمر (ص ١١).
(٢) فتح البيان (٨/ ٣٩١).
(٣) الانتقاد الرجيح (ص ٤٠)، بغية الرائد (ص ١٦).