إلى ذلك أن الشَّيح يعتقد أن آيات الكتاب غير قطعية الدلالة وكل ما كان كذلك فهو ظن محتمل والظن أكذب الحديث وهو عقيدة المشركين. قال تعالى {إِنْ هُمْ إلا يَظُنُّونَ} وقال تعالى {إِنْ يَتَّبِعُونَ إلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} ولا أكبر من هذه المحاربة للإسلام إلَّا محاربة الجاحدين لوجود الله. ومن المؤسف أن كتب الأزهر ملغمة بهذه النظرية الفاسدة التي هي الأحاديث ظنية المتن والدلالة والقرآن غير قطعي الدلالة وهي نظرية جاءت من أعداء الإسلام وأخذها كثير من المسلمين بحسن نيَّة مع أنهم لم يطبقوها عملًا واعتقادًا فتراهم عقدوا في كل مذهب بابا للمكفرات والردة عن الإسلام فحكموا بكفر من جحد أشياء لم تثبت إلَّا من طريق السنة أو من الآيات التي هي غير قطعية الدلالة في نظرهم ولولا خوف الإطالة لسقنا لك أمثلة من ذلك وهذه القاعدة التي خالفوهم".
وقد تكلم شلتوت حول المشركين في بلاد الغرب وغيرها وعدم تكفيرهم كما في صفحة (١٢ - ١٣) من كتابه (الإسلام عقيدة وشريعة) بقوله: "قال في صفحة (١٢ و ١٣) بعد ذكر الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر: قال: "وليس معنى هذا أن من لم يؤمن بشيء من ذلك يكون كافرًا عند الله يخلد في النَّار وإنَّما معناه ألا تجري عليه أحكام الإسلام. أما الحكم بكفره عند الله فهو موقوف على بلوغه الدعوة على وجهها الصَّحيح واقتناعه بها فيما بينه وبين نفسه ثم إباؤه أن يعتنقها فلو بلغته بصورة منفرة أو صحيحة ولم يكن من أهل النظر ولم يوقفه إليها فإنَّه لا يكفر.
إلى أن قال: أما الشرك الذي جاء في القرآن أن الله لا يغفره فهو الشرك الناشيء عن العناد".
ورد عليه صاحب (إعلام الأنام) من أن ما قاله مردود وقال صفحة (٤٩): "أَنَّه يجب على كل إنسان وهبه الله عقلًا بمجرد سماعه بأن الله بعث رسولًا اسمه محمَّد بدين اسمه الإسلام وهو دين يأمر بعبادة الله وحده وينهى عن الشرك، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحل الطيبات ويحرم الخبائث يجب على كل من بلغه ذلك أن يستجيب لداعي الله وأن يحطم كل ما يحول بينه وبين الحق ... ".
وتكلم عبد الله يابس عن أن محمود شلتوت جعل القرآن هو الأصل والمصدر الذي تعرف منه العقائد كما في صفحة (٣٣) من كتابه. فرد عليه من وجوه مبينًا عدم الإجمال في كلامه هذا والحقُّ في تبيين أما أن تكون السنة شارحة لأصول القرآن في الإيمان أو هي في ترابط انفكاك أحدهما عن الآخر وتبيين كلام أئمة السنة والحقّ في ذلك، لأنَّ لكل طائفة من فرق المسلمين. كلامًا أصلًا في قواعد الإيمان لديها ... ومن المعلوم أن القرآن لولا السنة ما فهمنا منه الكثير ...
ثم تكلم عبد الله بابس حول قول شلتوت في الجن (٣٧) من كتابه: "لم يجعل القرآن الإيمان بالجن عقيدة من عقائد الإسلام، كما جعل الملائكة، وإنَّما تحدث عنهم" ثم نقل عبد الله بابس في صفحة (٥٤) قول شلتوت في مقال سابق له: "جعل فيه الشَّيطان الذي هو أبو الجان بعضًا من الأنساب قائلًا: إن الشَّيطان عبارة عن وساوس الشر في الإنسان مع أن الشَّيطان قد تحمل اللعنة