للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تدبره، وفكر في عبره وعظاته ثم قال تعالى:

{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}: أي أنزلناه بلسان العرب، إذ كنتم أيها المنذرون به من العرب، وجعلناه -هنا-: يتعدى إلى مفعولين، فالهاء: الأول، وقرآنا: الثاني.

وهذا مما يدل على نقض قول أهل البدع أنه بمعنى "خلفنا" إذ لو كان المعنى "خلقنا" لم يتعد إلا إلى مفعول واحد.

ومثله قوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}، فلو كان معنى "خلق" لصار المعنى: أنهم خلقوا القرآن، وهذا محال، ولم يلقهم في هذا الخطأ العظيم.

وجهل الظاهر إلا قلة علمهم بتصاريف اللغة وضعفهم في معرفة الإعراب. ونلاحظ على هذين النصين اللذين يرد فيهما على المعتزلة قولهم بخلق القرآن: أن ادعاءهم أن "جعل" بمعنى خلق دائمًا يوقعهم في محالات كثيرة لا يقولون بها، ومن ثم لا بد لهم من أن يسلموا أن تلك الآيات التي ذكرها مكي لا يمكن أن تكون فيها "جعل" بمعنى خلق وإنما هي بمعنى "صير".

ثم يبين لهم أن "جعل" قد تأتي بمعنى "خلق" ويضع ضابطًا نحويًّا للتفريق بين "جعل" بمعنى: خلق، وجعل بمعنى: صير، قائلًا:

وقد يكون "الجعل" بمعنى "الخلق، بدلالة تدل عليه، نحو قوله تعالى: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا}. ثم يقول:

لكن إذا كانت "جعل" بمعنى: "خلق" لم يتعد إلا إلى مفعول واحد.

قول مكي عند قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}.

"وجعلناه" -هنا- يتعدى إلى مفعولين، فالهاء: الأول. وقرآنًا: الثاني.

ثم يقول: وهذا مما يدل على نقض قول أهل البدع أنه بمعنى: "خلقناه" إذ لو كان بمعنى خلقنا، لم يتعد إلا إلى مفعول واحد. ثم يقول: .. ولم يلقهم -أي المعتزلة- في هذا الخطأ العظيم والجهل الظاهر إلا قلة علمهم بتصاريف اللغة وضعفهم في معرفة الإعراب.

ومما تقدم يتبين لنا استنتاجه الضوابط النحوية التي تفرق بين المعاني المختلفة للكلمة الواحدة. وصحة تطبيقها. والحجج القوية التي يرد بها على المعتزلة.

- رؤية الله يوم القيامة:

قال مكي في تفسير قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}.

قال تعالى: جل ذكره-: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ}.

أي: حسنة ناعمة جميلة من السرور والغبطة.

هذا قول جميع أهل التفسير ثم قال تعالى: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} أي: تنظر إلى ربها.

قال عكرمة: تنظر إلى ربها نظرًا.

قال الحسن: وجوه يومئذ ناضرة، أي: حسنة: إلى ربها ناظرة، قال: تنظر إلى الخالق وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق.

وقال عطية العوفي: هي تنظر إلى الله -جل ذكره- لا تحيط أبصارهم به من عظمته، ويحيط بهم، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار.

وقال بعض أهل البدع: إنه بمعنى: منتظرة إلى ثواب ربها، وهذا خطأ في العربية، قال: لا يقال: