للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهذا دليل لأهل السنة على أن أفعال العباد مخلوقة حيث نسب الله تعالى هزيمة المسلمين إلى نفسه مع وقوع الفعل منهم. فقال {ثُمَّ صَرَفَكُمْ}.

وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: ٣٥]. قال أبو المظفر السمعاني رحمه الله تعالى: أي بأن يريهم آية فينظرون إلى الإيمان بها.

والصحيح: أن المراد به، ولو شاء الله لطبعهم وخلقهم على الإيمان، فهذا أقرب إلى قول أهل السنة، لأن إيمان الضرورة لا ينفع، وإنما ينفع الإيمان بالغيب اختيارا.

وانظر تأييده لقول أهل السنة في تفسيره (١/ ١٤٩ / أ) الأزهرية، وعند قوله تعالى: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} [الأعراف: ٨٩].

قال أبو المظفر السمعاني رحمه الله تعالى: فإن قيل: وهل يشاء الله عودهم إلى الكفر؟ قيل: وما المانع منه.

وإنما الآية على وفق قول أهل السنة، وكل ذلك جائز في المشيئة ويدل عليه قوله {وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيءٍ عِلْمًا}.

قال أبو المظفر السمعاني رحمه الله تعالى: عند تفسيره لقوله تعالى: {قَال عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ} [الأعراف: ١٥٦]: وهذا على وفق قول أهل السنة، فإن الله تعالى أن يصيب بعذابه من يشاء من عباده أذنب أو لم يذنب.

وصحف بعض القدرية، فقرأ: عذابي أصيب به من أساء من الإساءة وليس بشيء.

وعند قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأعراف: ١٧٢]. ذكر رحمه الله تعالى مذهب أهل السنة في الإقرار بيوم الميثاق واستدل على ذلك بالأحاديث وأقوال السلف.

وعند قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: ١٧٩].

قال رحمه الله تعالى: أي خلقنا لجهنم كثيرًا. وهذا على وفق قول أهل السنة، واستدل بحديث عائشة رضي الله عنها في الصحيح وغيره.

وذكر قولا آخر ورده ورجح القول الموافق لأهل السنة فقال: والأول أصح وأقرب إلى مذهب أهل السنة.

وعند قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: ٤].

قال أبو المظفر رحمه الله تعالى: وفيه دليل لأهل السنة على أنه لا يجوز لكل أحد أن يصف نفسه بكونه مؤمنا حقا، لأن الله تعالى إنما وصف بذلك قوما مخصوصين على أوصاف مخصوصة، وكل واحد لا يتحقق في نفسه وجود تلك الأوصاف.

وعند تفسيره لقوله تعالى: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَو اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (٩)} [يوسف: ٩].

قال أبو المظفر: يعني: توبوا بعد أن فعلتم هذا ودوموا على الصلاح، يعف الله عنكم، واستدل أهل السنة بهذه الآية على أن توبة القاتل عمدا مقبولة، فإن الله تعالى ذكر عزم القتل عنهم وذكر التوبة، ولم ينكر عليهم التوبة بعد القتل، دل أنها مقبولة ... إلخ.