للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعند قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ} [الحج: ١٨].

قال رحمه الله تعالى: قال الزجاج: السجود: هاهنا بمعنى الطاعة. أي يطيعه، واستحسنوا هذا القول لأنه موافق الكتاب وهو قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَال لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالتَا أَتَينَا طَائِعِينَ (١١)} [فصلت: ١١].

وأيضًا، فإن من اعتقاد أهل السنة أن الحيوان والموات مطيع كله لله تعالى.

وقال بعضهم: إن سجود الحجارة: هو بظهور أثر الصنع فيه على معنى أنه يحمل على السجود والخضوع لمن تأمله وتدبر فيه.

وهذا قول فاسد. . والصحيح ما قدمنا. والدليل عليه: أن الله تعالى وصف الحجارة بالخشية فقال: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: ٧٤].

ولا يستقيم حمل الخشية على ظهور أثر القدرة فيه وأيضًا فإن الله تعالى قال: {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ: ١٠].

أي: سبحي معه ولو كان المراد ظهور أثر الصنع لم يكن لقوله مع داود معنى، لأن داود وغيره في رؤية أثر الصنع سواء، وأيضًا فإن الله تعالى قال: {وَإِنْ مِنْ شَيءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: ٤٤].

أي: يطيع الله بتسبيحه {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: ٤٤]، لو كان المراد بالتسبيح ظهور أثر الصنع لم يستقم قوله: {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}.

ذكر هذه الدلائل أبو إسحاق الزجاج إبراهيم بن السري وأثنى عليه ابن فارس فقال: ذب عن الدين ونصر السنة.

وعند قوله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: ٢١].

قال رحمه الله تعالى: وعند أهل السنة: أن لله تعالى في الموات والجمادات علمًا لم يقف عليه الناس، وقد قال في موضع آخر: {وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} وهو دليل على ما ذكرنا من قبل.

وعند قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: ١].

قال رحمه الله تعالى: قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ} قد بينا معنى التسبيح، وهو تنزيه الرب عن كل ما لا يليق به. ويقال: التسبيح لله هو ذكر الله، وذكر القفال الشاشي أن معنى تسبيح الجمادات هو ما جعل فيها من دلائل حدثها، وأن لها صانعًا وخالقًا وهذا ليس بصحيح، وقد ذكر من قبل ما قاله أهل السنة.

وعند تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: ١٨]، وقال أبو المظفر السمعاني: أي يكرم ويهين ويشقي ويسعد بمشيئته وإرادته وهو اعتقاد أهل السنة.

وعند قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: ٧٠].

قال رحمه الله تعالى: قال الحسن البصري ومجاهد وجماعة: هذا في الدنيا، ومعناه: تبديل الكفر بالإيمان والشرك بالإخلاص، والمعصية بالطاعة.