خلقوا على هذه الفطرة. وأما حقيقة الإيمان وحقيقة الكفر فالناس من ذلك على قسمين على ما ورد به الكتاب والسنة.
قال الزجاج والنحاس: وهذا قول أهل السنة وهو اختيار ابن قتيبة أيضًا. . . . إلخ.
وعند قوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[الإنسان: ٣٠].
قال رحمه الله تعالى: رد مشيئتهم إلى مشيئته.
والمعنى لا يريدون إلا بإرادة الله، وهو موافق لعقائد أهل السنة أنه لا يفعل أحد شيئًا ولا يختاره ولا يشاؤه إلا بمشيئة الله. وفي بعض الأخبار أن رجلا كان يقول إلا ما شاء الله وشاء محمد، فسمع محمد - عليه السلام - ذلك فقال: أمثلان؟ ثم قال: قل إلا ما شاء الله ثم شاء محمد.
ونقل ابن القيم عن أبي المظفر السمعاني من كتابه الانتصار لأهل السنة والجماعة فقال:
وقال إمام عصره المجمع على إمامته أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني في كتاب الانتصار له، وهذا لفظه: ونشتغل الآن بالجواب عن قولهم فيما سبق أن أخبار الآحاد لا تقبل فيها طريقه، وهذا رأي أوسمت به المبتدعة في رد الأخبار فنقول وبالله التوفيق: إذا صح الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورواه الثقات والأئمة وأسنده خلفهم عن سلفهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتلقته الأمة بالقبول فإنه يوجب العلم فيما سبيله العلم هذا قول عامة أهل الحديث والمتعينين من القائمين على السنة.
وأما هذا القول الذي يذكر أن خبر الواحد لا يفيد العلم محال فلا بد من نقله بطريق التواتر لوقوع العلم به، حتى أخبر عنه القدرية والمعتزلة وكان قصدهم منه رد الأخبار وتلقفه منهم بعض الفقهاء الذين لم يكن لهم في العلم قدم ثابت ولم يقفوا على مقصودهم من هذا القول. ولو أنصف أهل الفرق من الأمة لأقروا بأن خبر الواحد قد يوجب العلم، فإنك تراهم مع اختلافهم في طرائقهم وعقائدهم يستدل كل فريق منهم على صحة ما يذهب إليه بالخبر الواحد، ترى أصحاب القدر يستدلون بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مولود يولد على الفطرة" وبقوله: "خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم" وترى أهل الإرجاء يستدلون بقوله: "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة. قيل وإن زنى، وإن سرق. قال: وإن زنى وإن سرق".
وترى الرافضة يحتجون بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يجاء بقوم من أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم" وترى الخوارج يستدلون بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" وبقوله: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" إلى غير ذلك من الأحاديث التي يستدل بها أهل الفرق. ومشهور ومعلوم استدلال أهل السنة بالأحاديث ورجوعهم إليها فهذا إجماع منهم على القول باخبار الآحاد.
وكذلك أجمع أهل الإسلام متقدموهم ومتأخروهم على رواية الأحاديث في صفات الله تعالى.
وفي مسائل القدر والرؤية. وأصول الإيمان والشفاعة والحوض وإخراج الموحدين من المذنبين من النار. وفي صفة الجنة والنار. والترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، وفي