قلت: ولكن أكثر الناس على خلاف هذا، ولهذا قلَّت رواية أبي حنيفة لهذه العلة، لا لعلة أخرى زعمها المتحملون عليه.
وقال أبو عاصم: سمعت أبا حنيفة يقول: القراءة جائزة. يعني عرض الكتب.
قال: وسمعت ابن جريج يقول: هي جائزة. يعني عرض الكتب" أ. هـ.
• تقريب التهذيب: "فقيه مشهور" أ. هـ.
• قلت: لقد تكلم في الإمام أبي حنيفة حول عقيدته الإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل، وابن حبان، وابن عدي، والخطيب البغدادي، وذكروا ما جاء عنه في الإرجاء وغيره من القول في الإيمان والخروج عن السلطان وغير ذلك، مع ضعفه بالحديث كما أسلفنا القول عن ابن أبي حاتم، وابن عدي، وغيرهما، وفي ذلك تفصيل وسعة لمعرفة الأمور السابقة حول هذا الإمام العلم إمام مذهب الحنفية والفقيه المنتهى إليه في عصره، وعليه ليس لنا إلا ما سنذكره حول قول العلماء، وبعض البحوث التي عرضها أصحاب الدراسات والتحقيق في عصرنا، فالله تعالى المستعان وهو الموفق إلى خير السبيل.
وسوف نورد الآن البحث في كلام الخطيب وغيره من خلال المقدمة لكتاب "تبييض الصحيفة" للسيوطي بقلم محمّد عاشق حيث نقد فيه الدكتور محمود الطحان كلام الخطيب في الإمام أبي حنيفة، قوله بنصه مع حواشيه:
"لقد أورد الخطيب تلك المطاعن والمثالب، ضمن ترجمة أبي حنيفة في كتابه: تاريخ بغداد، الجزء الثالث عشر من النسخة المطبوعة، حيث ترجم لأبي حنيفة بما يزيد على المائة صفحة، وذلك من صفحة:(٣٢٣)، إلى صفحة:(٤٥٤).
وهي أطول ترجمة في الكتاب إطلاقًا.
وابتدأ الترجمة بكلام طيب، وثناء جميل على أبي حنيفة، ثم عقد فصلًا لمناقبه، وصاق فيه من الروايات المسندة عن الأئمة، في مدح أبي حنيفة والثناء عليه الشيء الكثير. كما عقد فصولًا فيما قبل في فقهه وعبادته وورعه، وجوده ووفور عقله وفطنته، وأتى فيه بالشيء الحسن العجيب، واستغرق ذلك حوالي ستًّا وأربعين صفحة، أي إلى صفحة (٣٦٩).
وفجأة يقلب لأبي حنيفة ظهر المِجَنِّ، ويطمس تلك المحاسن والمناقب التي ساقها كلها بكلمة واحدة، فيقول:
"وقد سقنا عن أيوب السختياني، وسفيان بن عيينة، وأبي بكر بن عياش، وغيرهم من الأئمة، أخبارًا كثيرة، تتضمن تقريظ أبي حنيفة، والمدح له، والثناء عليه والمحفوظ عند نقلة الحديث عن الأئمة المتقدمين -وهؤلاء المذكورون منهم- في أبي حنيفة خلاف ذلك. وكلامهم فيه كثير، لأمور شنيعة حفظت عليه. متعلق بعضها بأصول الديانات، وبعضها بالفروع، نحن ذاكروها بمشيئة الله، ومعتذرون إلى من وقف عليها، وكره سماعها، بأن أبا حنيفة عندنا، مع جلالة قدره، أسوى بغيره من العلماء الذين دوّنا ذكرهم في هذا الكتاب، وأوردنا أخبارهم، وحكينا أقوال الناس فيهم على تباينها، والله الموفق