المذكور كان ابن أخت المزني وأن محمد بن أحمد الشروطِي، قال: قلت للطحاوي: لم خالفت خالك، واخترت مذهب أبي حنيفة؟
فقال: لأني كنت أرى خالي يديم النظر في كتب أبي حنيفة، فلذلك انتقلت إليه. انتهى
قلت: هذا هو الأليق بشأن هذا الإِمام، والأحرى به، وأنه لم ينتقل من مذهب إلى مذهب بمجرد الغضب، وهوى النفس، لأجل كلمة صدرت من أستاذه وخاله، في زمن الطلب والتعلم، بل لما استدل به على ترجيح مذهب الإمام الأعظم، وتقدمه في صحة النقل، وإيضاح المعاني بالأدلة القوية، وحسن الاستنباط من كون خاله المزني مع جلالة قدره، ووفور علمه، وغزير فهمه، كان يديم النظر في كتب أبي حنيفة، ويتعلم من طريقته، ويمشي على سننه في استخراج الدقائق من أماكنها، والجواهر من معادنها, نفعنا الله ببركة علومهم جميعًا" أ. هـ.
• الفوائد البهية: منال الجامع قد طالعت من تصانيفه معاني الآثار وقد يسمى بشرح معاني الآثار فوجدته مجمعًا للفوائد النفيسة والفوائد الشريفة ينطق بفضل مؤلفه وينادي بمهارة مصنفه قد سلك مسلك الإنصاف وتجنب عن طريق الاعتساف إلا في بعض المواضع قد عدل النظر فيها عن التحقيق وسلك مسلك الجدل والخلاف الغير الأنيق كما بسطته في تصانيفي في الفقه.
وفي غاية البيان للإتقاني أقول لا معنى لإنكارهم على أبي جعفر فإنه مؤتمن لا متهم مع غزارة علمه واجتهاده وورعه وتقدمه في معرفة المذاهب وغيرها فإن شككت في أمره فانظر شرح معاني الآثار هل ترى له نظيرًا في سائر المذاهب فضلًا عن مذهبنا هذا انتهى" أ. هـ.
• قلت: قال شعيب الأرنؤوط في مقدمة كتاب "شرح مشكل الآثار (١) " للطحاوي مبينًا أن الطحاوي إمام مجتهد ما نصه (ص ٦٠): "في مقدمة (شرح معاني الآثار) ما يدل على أنه كان يتبع الدليل حيثما كان، ويأخذ به، فقد جاء فيها: أن بعض أصحابه من أهل العلم سأله أن يضع له كتابًا يذكر فيه الآثار المأثورة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحكام التي يتوهم أهل الإلحاد والضعفة من أهل الإِسلام أن بعضها ينقض بعضًا لقلة علمهم بناسخها من منسوخها، وما يجب به العمل منها، لما يشهد له من الكتاب الناطق والسنة المجتمع عليها، وأن يجعل لذلك أبوابًا يذكر في كل كتاب منها ما فيه من الناسخ والمنسوخ، وتأويل العلماء، واحتجاج بعضهم على بعض، وإقامة الحجة لمن صح عنده قوله منهم بما يصح به مثله من كتاب أو سنة أو إجماع أو تواتر من أقاويل الصحابة أو تابعيهم، وأنه نظر في ذلك، وبحث عنه بحثًا شديدًا، فاستخرج منه أبوابًا على النحو الذي سأل.
وقد صرح في مقدمة كتب "الشروط" (١/ ٢١) بأنه لا يتقيد يقول أحد إلا بدليل، فقال: وقد وضعت هذا الكتاب على الاجتهاد مني لإصابة ما أمر الله عَزَّ وَجَلَّ به من الكتاب بين الناس بالعدل على ما ذكرت في صدر هذا الكتاب مما
(١) كتاب "شرح مشكل الآثار" للطحاوي، تحقيق شعيب الأرنؤوط -طبعة مؤسسة الرسالة- الطبعة الأولى (١٤١٥ هـ -١٩٩٤ م).