للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الإمام الطحاوي (ص ٦٤): "وقال البدر العيني في (نخب الأفكار) فيما نقله صاحب (الحاوي) ص ١٣: أما الطحاوي، فإنه مجمع عليه في ثقته وديانته وأمانته، وفضيلته التامة، ويده الطولى في الحديث وعلله وناسخه ومنسوخه، ولم يخلفه في ذلك أحد، ولقد أثنى عليه السلف والخلف .. ثم أورد كثيرًا من النصوص عن الأئمة بالثناء عليه، ثم قال: ولقد أثنى عليه كل من ذكره من أهل الحديث والتاريخ كالطبراني، وأبي بكر الخطيب، وأبي عبد الله الحميدي، والحافظ ابن عساكر، وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين كالحافظ أبي الحَجَّاج المزي، والحافظ الذهبي، وعماد الدين بن كثير، وغيرهم من أصحاب التصانيف.

ولا يشك عاقل منصف أن الطحاوي أثبت في استنباط الأحكام من القرآن ومن الأحاديث النبوية، وأقعد في الفقه من غيره ممن عاصره سنًّا، أو شاركه رواية من أصحاب الصحاح والسنن, لأن هذا إنما يظهر بالنظر في كلامه وكلاعهم، ومما يدل على ذلك، ويقوى ما ادعيناه تصانيفه المفيدة الغزيرة في سائر الفنون من العلوم النقلية والعقلية، وأما في رواية الحديث ومعرفة الرجال، وكثرة الشيوخ، فهو كما ترى إمام عظيم ثبت حجة كالبخارى ومسلم وغيرهما من أصحاب الصحاح والسنن, يدل على ذلك اتساع روايته، ومشاركته فيها أئمة الحديث المشهورين كما ذكرناهم.

وتحت عنوان: كلام بعض الناس في الطحاوي ورده قال شعيب ص (٦٦):

وبالرغم من هذه الصفات العظيمة التي أسبغها عليه أهل العلم بحق، فإنه رحمه الله لم يسلم ممن ينتقص قدره، ويصفه بقلة المعرفة، ويتهمه بما هو بريء منه.

فقد ذكر الإمام البيهقي في كتابه "معرفة السنن والآثار" (١/ ٣٥٣) أن علم الحديث لم يكن من صناعة أبي جعفر، وإنما أخذ الكلمة بعد الكلمة من أهله، ثم لم يحكمها، ويتهمه بتسوية الأخبار على مذهبه، وتضعيف ما لا حيلة له فيه بما لا يضعف به، والاحتجاج بما هو ضعيف عند غيره ..

وفي هذا تجريح قاس لأبي جعفر، وطعن بعدالته، واتهام له بالجهل في صناعة الحديث وقد تولى غير واحد من أهل العلم الرد على هذا الطعن، وبيان أنه صادر عن عصبية وهوى، فقد قال الحافظ عبد القادر القرشي، المتوفى سنة (٧٧٥ هـ) في "الجواهر المضية" (ص ٤٣١) بعد أن أورد كلام البيهقي: هكذا قال. وحاشا لله أن الطحاوي رحمه الله يقع في هذا، فهذا الكتاب الذي أشار إليه هو الكتاب المعروف بـ "معاني الآثار"، وقد تكلمت على أسانيده، وعزوت أحاديثه وإسناده إلى الكتب الستة، و "المصنف" لابن أبي شيبة، وكتب الحفاظ، وسميته بـ "الحاوي في بيان آثار الطحاوي"، وكان ذلك بإشارة شيخنا العلامة الحجة قاضي القضاة علاء الدين المارديني والد شيخنا العلامة قاضي القضاة جمال الدين، لما سأله بعض الأمراء عن ذلك، وقال له: عندنا كتاب الطحاوي، فإذا ذكرنا لخصمنا الحديث منه يقولون لنا: ما نسمع إلا من البخاري ومسلم. فقال له قاضي القضاة علاء الدين: والأحاديث التي في الطحاوي أكثرها في