للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دفعه إلى ذلك. وإن لم نأخذ بهذه النتيجة وقعنا في تجريح الثوري وهذا ما لا نريد الذهاب إليه ولا القول به مطلقًا وأنى ذلك؟ .

وقال ابن عدي:

وقال عمرو بن علي: أبو حنيفة صاحب الرأي واسمه النعمان بن ثابت ليس بالحافظ مضطرب كالحديث واهي الحديث (١).

وهذا خبر مقطوع بين ابن عدي وعمرو بن علي وبين عمرو بن علي ومن عاصر أبا حنيفة. لأن الجرح لا يقبل إلا ممن عاصر الرجل ولا يقبل إلا مفسرًا. وبطريق صحيح، فإذا كان غير ذلك لا نقبله ولا نأخذ به.

وقال ابن عدي:

حدثنا ابن أبي داود ثنا الربيع بن سليمان الحيري عن الحارث بن مسكين عن ابن القاسم قال: قال مالك: الداء العضال الهلاك في الدين وأبو حنيفة من الداء العضال.

وهذه رواية فيها ابن أبي داود وقد تقدم تضعيفه أول هذا الفصل وحاشا لإمام دار الهجرة أن ينزلق إلى مثل هذا القول، وإنما اندفع ابن أبي داود اندفاعًا لا يجوز أن يفعله.

وقال ابن عدي أيضًا:

حدثنا أحمد بن حفص عن عمرو بن علي حدثني أبو غادر الفلسطيني أخبرني رجل أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فقلت: يا رسول الله حدثنا هذا عمن نأخذه؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: عن سفيان الثوري فقلت: فأبو حنيفة؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: ليس هناك يعني ليس في موضع الأخذ منه (٢).

وهنا يكرر ابن عدي ما ذكره ابن حبان من الضرب على وتر الرؤيا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما يريدون إقناع القارئ ويظنون -بتعصبهم- أن قارئ علم الرجال قارئ عادي يأخذ كل ما يقولون، والأمر بعكس ما يتصورون فالباحث عن عدالة رجل أو جرحه لا يكتفي بكتاب واحد، ولا يجوز له ذلك لأن الحكم على رجل معناه رفض حديث، ورفض الحديث معناه رفض مادة من الدين لا ترفض إلا بعد يقين أنها ليست من الدين.

والسند هنا فيه من هو منكر الحديث وهو أحمد بن حفص شيخ ابن عدي كذا قال ابن الجوزي في الموضوعات (٣).

وفيه مجهولان اثنان أبو غادر الفلسطيني والرجل الذي يروي عنه، حيث لم يذكر أحد من هو أبو غادر ولو ذكر لم يذكر لنا أبو غادر من هذا الرجل الذي رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهل الأحكام الشرعية وتجريح الرجال يجوز أن يصدر من خلال الرؤى والأحلام. ما هكذا عودنا ابن عدي في موضوعته وتقصيه أن ينزلق مثل هذا المنزلق وأن يسكت مثل هذا السكوت فقد وثق رجالًا لا يساوون في ميزان الرجال نقيرًا بالنسبة لأبي حنيفة فهل ضاقت عليه الدنيا أو لم يسعفه القلم أن يذكر كلمة إنصاف ينصف بها هذا الإِمام المظلوم المفترى عليه؟ .


(١) المرجع السابق: (٧/ ٢٤٧٣).
(٢) الكامل: (٧/ ٢٤٧٣).
(٣) (٢/ ١٦٨ و ٣/ ٩٤) وانظر تبصير المنتبه (٢/ ٧٣٣) والمشتبه (٩٨ و ٣٥٩).