للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولكن الآن نذكر أقوالًا أخرى لعلماء معتمدين في الوقت الحاضر والذي قبله في أمر عقيدة وكلام العلماء في أبي حنيفة.

أولًا: نذكر قول ابن الوزير في تعليقه والذبِّ عن الأئمة الأربعة في كتابه "الروض الباسم" حيث قال: "وَهِمَ هذا المعترض أن يمكنه التشكيك في علم أبي حنيفة - رضي الله عنه -، واعتمد في ذلك بأنه قد رمي بالقصور في علمي العربية والحديث، أما اللغة فلقوله: يا أبا قبيص، وأما الحديث، فلأنه كان يروى عن المضعفين، وما ذلك إلا لقلة علمه بالحديث ... " أ. هـ.

ولقد ذبّ الوزير اليماني عن الإِمام أبي حنيفة والأئمة الثلاث البقية بما اتهموا لدى المتهمين بمسالك، وهي جديرة بالقراءة لمن أراد المزيد والتتبع مع مراجعة كتاب "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر وقد نقلنا قوله من خلال المباحث السابقة.

ثانيًا: قول الشيخ الدكتور الفاضل (سفر الحوالي) في كتابه "ظاهرة الإرجاء" وقد تكلم حول الإرجاء وظهوره ونشأته، وقد ذكر ما اتهم به الإِمام أبو حنيفة في الإرجاء، في كلامه على مرجئة الفقهاء حيث قال (٢/ ٤١٢):

"بعد أن استقرت الأمة على التمذهب بالمذاهب الأربعة المشهورة، استقر مذهب المرجئة الفقهاء ضمن مذهب أبي حنيفة رحمه الله، ولهذا أصبح يسمى مذهب الحنفية.

وأبو حنيفة رحمه الله تضاربت الأقوال في حقيقة مذهبه وموقفه من أعمال القلوب خاصة أهي داخلة في الإيمان أم لا؟

ولم يثبت لدي فيما بعثت أي نص من كلام الإِمام نفسه، إلا أنني لا أستبعد أنه رحمه الله رجع عن قوله ووافق السلف في أن الأعمال من الإيمان, وهذا هو المظنون به. أما المشهور المتداول عنه فهو مذهب المرجئة الفقهاء -أي إن الإيمان يشمل ركنين؛ تصديق القلب وإقرار اللسان، وأنه لا يزيد ولا ينقص ولا يستثني فيه، وأن الفاسق يسمى مؤمنًا؛ إذ الإيمان شيء واحد ينتفي كله أو يبقى كله حسب الأصل المذكور سابقًا".

ثم قال الشيخ في الهامش معلقًا على حقيقة الأقوال:

"فأما رسالة العالم والمتعلم، فإن الكوثري على تعصبه الشديد طعن في سندها (وكذا رسالة الفقه الأكبر)، وقد أثبت ذلك المحققان في مقدمتها، وأما الأشعري في المقالات فقد قال عن أبي حنيفة ما لا نستطيع إثباته، وهو قوله: "الفرقة التاسعة من المرجئة أبو حنيفة وأصحابه؛ يزعمون أن الإيمان المعرفة بالله. والإقرار بالله، والمعرفة بالرسول، والإقرار بما جاء من عند الله في الجملة دون التفسير، وذكر أبو عثمان الآدمي أنه اجتمع أبو حنيفة وعمر بن أبي عثمان الشمري بمكة، وسأله عمر فقال له: أخبرني عمن زعم أن الله سبحانه، حرم أكل الخنزير غير أنه لا يدري أن لحم الخنزير الذي حرمه الله ليس هذه العين، فقال: مؤمن! ! فقال له عمر: فإنه قد زعم أن الله فرض الحج إلى الكعبة غير أنه لا يدري أنها كعبة غير هذه في مكان كذا؟ فقال: مؤمن! ! قال: فإن قال: أعلم أن الله بعث محمّدًا غير أنه لا يدري لعله هو الزنجي؟ قال: هذا مؤمن! ! ولم يجعل أبو حنيفة شيئًا من الدين مستخرجًا إيمانًا، وزعم