للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أبي جعفر الطحاوي، وأخرجه من أئمة النقد، لأنه صحح حديث رد الشمس لعلي، رضي الله عنه، والإمام الطحاوي ليس بمتفرد بتصحيح هذه الرواية, وقد وافقه غير واحد من الأئمة المتقدمين والمتأخرين، ورجحوا قوله على قول ابن تيمية ... وما ذكرنا في الفائدة العاشرة من أقوال الإمام الطحاوي في الرجال، وكلامه في نقد الأحاديث كنقد أهل العلم من كتابيه "معاني الآثار" و"مشكل الآثار" وكتب أسماء الرجال، يرد كل الرد، ويدفع كل الدفع قول ابن تيمية هذا، ويثبت صحة ما اختاره الذهبي من ذكره في الحفاظ الذين يرجع إلى أقوالهم، والسيوطي من ذكره فيمن كان بمصر من حفاظ الحديث ونقاده، وقد شهد الأئمة المتقدمون بجلالة قدره، كابن يونس، ومسلمة بن القاسم وابن عساكر، وابن عبد البر، وأضرابهم، وهؤلاء أقرب بالطحاوي من ابن تيمية، ومنهم من هو أعلم منه بحال علماء مصر، فإن صاحب البيت أدرى بما فيه، فجرح ابن تيمية بغير دليل لم يؤثر في الإِمام الطحاوي مع شهادة هؤلاء الأعلام.

وقد قال التاج السبكي في "طبقاته (١): الحذر كل الحذر أن نفهم من قاعدتهم: أن الجرح مقدم على التعديل على إطلاقها، بل الصواب أن من ثبتت عدالته وإمامته، وكثر مادحوه ومزكوه، وندر جارحه، وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصب مذهي أو غيره، لم يلتفت إلى جرحه .. -وإن فسره- في حق من غلبت طاعته على معصيته، ومادحوه على ذاميه، ومزكوه على جارحيه إذا كانت هناك قرينة دالة يشهد العقل بأن مثلها حامل على الوقيعة.

على أن ابن تيمية -كما في "الدرر الكامنة (٢) " عن الذهبي: كان مع سعة علمه، وفرط شجاعته، وسيلان ذهنه، وتعظيمه لحرمات الدين بشرا من البشر تعتريه حدة في البحث، وغضب وشظف للخصم، تزرع له عداوة في النفوس، وإلا لو لاطف خصومه، لكان كلمة إجماع، فإن كبارهم خاضعون لعلومه، معترفون بشنوفه، مقرون بندور خطئه، وأنه بحر لا ساحل له، وكنز لا نظير له، ولكن ينقمون عليه أخلاقا وأفعالا, وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك (٣).

٣ - وجاء في "لسان الميزان" (١/ ٢٧٦) للحافظ ابن حجر: وقال مسلمة بن القاسم بن في كتاب "الصلة": وقال لي أبو بكر محمَّد بن معاوية بن الأحمر القرشي: دخلت مصر قبل الثلاث مئة، وأهل مصر يرمون الطحاوي بأمر عظيم فظيع. ويفسر ابن حجر هذا الأمر بقوله: يعني من جهة أمور القضاء، ومن جهة ما قيل: إنه أفتى به أبا الجيش من أمر الخصيان.

قال صاحب "أماني الأحبار": ولعل كلام


(١) (٢/ ٩ و ١٢).
(٢) (١/ ١٥١).
(٣) بدل أن يكون هذا الرد العنيف على شيخ الإِسلام ابن تيمية من قبل الشيخ شعيب الأرنؤوط كان الأحرى به أن يوجهه علميا بين كلام ابن تيمية -الذي قاله حكما علميا رآه- وبين ما يريد إثباته الشيخ شعيب من أن الإمام الطحاوي معتمد عليه في معرفة الإسناد ويكون القارئ قد فهم الحجة علميا لا عصبيا ومذهبيا بين العلماء ... والله الموفق والحقيفة أن مقصود الشيخ هو مقارنة الطحاوي بأئمة الشأن كأحمد والبخاري ومسلم والدارقطني، وعند ذاك يكون كلام شيخ الإِسلام صوابا.