للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفي هذا يقول -رحمه الله-:

"لا نسميه ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى به نفسه، على ما تقدم ذكرنا له من وصفه لنفسه لا شريك له، ولا ندفع ما وصف به نفسه لأنه دفع للقرآن" (١).

وقال بعد أن أنكر أن يقاس الله تعالى على شيء من خلقه، أو يجري بينه وبينهم تمثيل أو تشبيه:

"لا يبلغ من وصفه إلا ما وصف به نفسه، أو وصفه به نبيه ورسوله أو اجتمعت عليه الأمة الحنيفية عنه" (٢). وقال في موطن آخر: "ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصًا في كتاب الله أو صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو اجتمعت عليه الأمة، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يُسلّم له ولا يناظر فيه" (٣).

وقال: "فلا يصفه ذوو العقول إلا بخبر، ولا خبر في صفات الله إلا ما وصف نفسه به في كتابه، أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فلا نتعدى إلى تشبيه أو قياس أو تمثيل أو تنظير، فإنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" (٤).

ويقصد بالقياس هنا قياس صفات الخالق على صفات المخلوقين، ولا شك أن هذا لا يجوز في حقه تعالى، لكن يستعمل في حقه المثل الأعلى، وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال لا يلحقه نقص ولا عدم. فالخالق أولى به، وكل ما ينزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولى بالتنزيه عنه .. ) (٥).

وقال في صفحة (٣١٨) عن عقيدة ابن عبد البر في علو الله على خلقه:

(والإمام ابن عبد البر -رحمه الله-، يرى إثبات هذه الصفة، ويدلل عليها ويرد على من نفاها ويبطل شبههم.

ومن ذلك قوله في معرض كلامه على حديث النزول:

"وفيه دليل على أن الله -عزَّ وجلَّ- في السماء على العرش من فوق سبع سموات، كما قالت الجماعة، وهو من حججهم على المعتزلة والجهمية، في قولهم إن الله -عزَّ وجلَّ- في كل مكان، وليس على العرش، والدليل على صحة ما قالوه أهل الحق في ذلك قول الله -عزَّ وجلَّ- {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} .. وقوله {إِلَيهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} .. وقال جل ذكره {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وهذا من العلو ... والجهمي يزعم أنه أسفل .. وقال لعيسى: {يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} .. وهذه الآيات كلها واضحات في إبطال قول المعتزلة" (٦).

ويذكر ابن عبد البر من الأدلة على إثبات العلو:

"أن الموحدين أجمعين من العرب والعجم، إذا كربهم أمر، أو نزلت بهم شدة، رفعوا وجوههم إلى السماء يستغيثون ربهم تبارك وتعالى، وهذا


(١) التمهيد (٧/ ١٣٧).
(٢) التمهيد (٧/ ١٣٦).
(٣) جامع بيان العلم وفضله (٢/ ٩٦).
(٤) التمهيد (٧/ ١٤٥).
(٥) مجموع الفتاوى (٣/ ٣٠).
(٦) التمهيد (٧/ ١٢٩).