للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج فيه إلى أكثر من حكايته لأنه اضطرار لم يؤنبهم عليه أحد، ولا أنكره عليهم مسلم .. " (١) ثم أورد بعد ذلك حديث الجارية الذي سبق ذكره قريبًا.

وقال -رحمه الله-:

"ولم يزل المسلمون في كل زمان إذا داهمهم أمر وكربهم غمر يرفعون وجوههم وأيديهم إلى السماء رغبة إلى الله -عزَّ وجلَّ- في الكشف عنهم ... " (٢).

وقال أيضًا:

"ولولا أن موسى - عليه السلام - قال لهم إلهي في السماء ما قال فرعون {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (*) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى}).

وفي الصفحة (٣٣٠) تكلم المؤلف عن عقيدة ابن عبد البر في الاستواء فقال: (وقد أثبت ابن عبد البر -رحمه الله- هذه الصفة كما هو مذهب أهل السنة والجماعة وصرح بأن ذلك هو الذي عليه أهل السنة والجماعة فقال: "والذي عليه جماعة أهل السنة أنه لم يزل بصفاته وأسمائه ليس لأوليته ابتداء، ولا لآخريته انقضاء، وهو على العرش استوى" (٣).

وقال في كلامه على حديث النزول:

"وفي هذا الحديث دليل على أن الله تعالى في السماء على العرش من فوق سبع سماوات وعلمه في كل مكان كما قالت الجماعة أهل السنة والفقه والأثر، وحجتهم ظواهر القرآن في قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} .. " (٤)

وأورد في ذلك عدة آثار، منها ما ورد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سئل عن قول الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} قال: استواؤه حق معلوم وكيفيته مجهولة (٥).

ومنها ما ورد عن مالك أنه سئل عن الآية نفسها فقال: "الاستواء معلوم وكيفيته مجهولة وسؤالك عن هذا بدعة وأراك رجل سوء".

وعن ابن المبارك قال: "الرب تعالى على السماء السابعة على العرش" (٦).

وفي الحقيقة إن إثبات استواء الله على عرشه يعد من أبرز الصفات التي ينفرد بإثباتها أهل السنة والجماعة عن غيرهم من الفرق المخالفة.

وقد أجمع السلف على أن الله تعالى مستو على عرشه استواء حقيقيًّا يليق بجلاله كما دل على ذلك الكتاب العزيز والسنة النبوية.

والآثار في ذلك عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كثيرة جدًّا).

قال المؤلف في رد ابن عبد البر على من أول استوى باستولى في الصفحة (٣٣٥) ما نصه:


(١) التمهيد (٧/ ١٣٤).
(٢) التمهيد (٨/ ١٠٦).
(٣) جامع بيان العلم وفضله (١/ ١٠)، والتمهيد (١٤/ ١٥٧).
(٤) الاستذكار (ق / ٧٨) مخطوط المحمودية، التمهيد (٧/ ١٢٩).
(٥) رواه بنحوه البيهقي في "الأسماء والصفات" (٤٠٨) واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (٣/ ٣٩٨).
(٦) الاستذكار (ق / ٧٨) مخطوط المحمودية، والتمهيد (٧/ ١٣٨).