للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

التنزل.

قال: وقال لي ابن معين: صدق به ولا تصفه" (١).

وقال المؤلف فيما تأوله من الصفات الفعلية صفحة (٣٨٦)، وإليك كلامه كاملًا لإتمام الفائدة:

(عرفنا فيما سبق أن منهج ابن عبد البر في الصفات هو الإقرار بها، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، من غير تكييف ومن غير تجاوز للنصوص الشرعية الواردة في ذلك.

فمنهجه هو منهج أهل السنة والجماعة في الجملة إلا أننا نراه عند تطبيق هذا المنهج وعند تطبيق هذا التقعيد العام، يتجاوز أحيانًا فلا يلتزم بما قرره أولًا.

ولا شك أن هذا التجاوز يعد اجتهاد منه -رحمه الله- وهو وإن كان مقصده حسنًا ونيته صالحة -كما نحسبه والله حسيبه- إلا أن هذا لا يمنع من بيان وجه الصواب في المسائل التي اجتهد فيها ابن عبد البر وكان الصواب في خلاف ما ذهب إليه.

ومن خلال تتبعي لكلام ابن عبد البر في ذلك، وجدته قد أول بعض الصفات الفعلية، وفسرها على غير ظاهرها، وبغير ما فسرها به السلف الصالح ومن ذلك ما يلي:

١ - الضحك:

من المعلوم أن من عقيدة أهل السنة والجماعة إثبات كل صفة لله تعالى ثبتت له في الكتاب أو السنة على الوجه اللائق به تعالى.

ومن ذلك صفة الضحك فأهل السنة يثبتونها لأنه ورد فيها عدة أحاديث صحيحة فيجب إثباتها على الوجه اللائق به تعالى، مع الاعتقاد الجازم بأنها لا تشبه صفة المخلوقين ولا تفسر بذلك.

ولأن "الضحك في موضعه المناسب له صفة مدح وكمال، وإذا قُدِّر حيَّان، أحدهما يضحك مما يُضحك منه، والآخر لا يضحك قط، كان الأول أكمل من الثاني" (٢).

وقد علم أن كل كمال ثبت للمخلوق لا نقص فيه فالخالق أولى به.

وقد وردت أحاديث كثيرة تثبت هذه الصفة لله تعالى فمن ذلك:

١ - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة) (٣).

٢ - وفي حديث أبي رزين: (ضحك ربنا من قنوط عباده وقُرب غِيَرهِ، قال: قلت يا رسول الله أو يضحك الرب -عزَّ وجلَّ-؟ قال: نعم. قال: لن نعدم من رب يضحك خيرًا) (٤).

فجعل الأعرابي العاقل -بصحة فطرته- ضحك ربه دليلًا على إحسانه وإنعامه، فدل على


(١) التمهيد (٧/ ١٥١).
(٢) مجموع الفتاوى (٦/ ١٢١).
(٣) رواه البخاري في (كتاب الجهاد- باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم (٣/ ٢١٠)، ومسلم في كتاب الإمارة) رقم (١٢٨)، (٣/ ١٥٠٤).
(٤) رواه أحمد (٤/ ١١)، وابن ماجه في (المقدمة- باب فيما أنكرت الجهمية) (١/ ٦٤)، وضعفه الألباني في الضعيف الجامع (٤/ ٣).